قلنا: قد أجاب الشيخُ تقيُّ الدين بنُ دقيقِ العيدِ، وبعضُ المالكية، وقالا: إن الحديثَ محمولٌ على النذرِ الذي يكونُ في مقابلة تحصيل غرضٍ، أو دفعِ مكروه (١)، وهو نذرُ المُجازاة، وما سواهُ على نَذْرِ التبرُّرِ؛ كالنذرِ الذي يكونُ شُكْراً في مقابلةِ النعمَةِ.
الجملة الثامنة: أمرَ اللهُ سبحانَهُ بالطَّوافِ بالبيتِ العتيق، وقد أجمعَ أهلُ العلمِ على أن المرادَ به طوافُ الإفاضَةِ، وأجمعوا على أنه رُكْنٌ من أركانِ الحَجِّ، وعلى أن صِفَتهُ أن يجعلَ البيتَ عن يسارِهِ.
وبيَّنَ النبيُّ - ﷺ - أن سِتَّةَ أَذْرُعٍ أو سبعةَ أَذْرُعٍ، أو نَحْواً منْ سبعةِ أذرعٍ منَ الحِجْرِ منَ البيتِ، وطافَ النبيّ - ﷺ - مِنْ وراءِ الحِجْرِ، فإن طافَ طائفٌ داخِلَ الحِجْرِ، لم يَصَحَّ طوافُهُ؛ لمخالفتهِ الكتابَ والسُّنَّةَ قَوْلاً وفِعْلاً.
وقال أبو حنيفةَ وأصحابُه: يصحُّ طوافُهُ داخلَ الحِجْر (٢)، وأطلقَ لفظَ البيتِ على القواعدِ الموجودَةِ يومَ نُزولِ الخِطابِ، وهيَ الموجودةُ الآن.
* وأحسبُهُمْ أَجْمَعوا على أَنَّ من شرائِطِه سَتْرَ عَوْرَة الطائِف (٣).

= (١٦٣٩)، كتاب: النذر، باب: النهي عن النذر، وأنه لا يرد شيئاً، وهذا لفظ مسلم.
(١) انظر: "إحكام الأحكام" لابن دقيق العيد (٤/ ١٥٥ - ١٥٦).
(٢) مذهب أبي حنيفة: أنه لا يصح طوافه داخل الحجر، انظر: "الهداية" للمرغيناني (١/ ١٤٠)، و"بدائع الصنائع" للكاساني (٢/ ١٣١ - ١٣٢).
(٣) انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (٤/ ١٤٧)، و"المجموع" للنووي (٦/ ٨ ا-١٧)، و"مغني المحتاج" (١/ ٤٨٥)، و "مواهب الجليل" للحطاب (٣/ ٦٨)، و"حاشية الدسوقي" (٢/ ٣١).
ومذهب أبي حنيفة: أنه واجب ليس بشرط، انظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٢/ ١٢٩)، و "شرح فتح القدير" للكمال بن الهمام (٣/ ٥٨).
ومذهب أحمد: أنه سنة، ولكن ستر العورة واجب مطلقاً، انظر: "شرح منتهى =


الصفحة التالية
Icon