الظاهرُ مِنَ القرآن أَنَّه لمْ يصدُرْ منَ النبيِّ - ﷺ - يمينٌ، وإنَّما جَعَلَه اللهُ سبحانَه يَميناً؛ لما فيهِ منَ الامتناعِ والحَثِّ على التَّرْكِ.
روى سعيدُ بنُ جُبَيْرٍ عنِ ابنِ عباس -رضيَ اللهُ تعالى عنهما- أنهُ قالَ في الحَرام: يمينٌ يُكفِّرُها، لقدْ كانَ لكمْ في رسولِ اللهِ أُسوِةٌ حسنةٌ، يعني النبيَّ - ﷺ -، كانَ حَرَّمَ جاريتَه، قال الله تعالى: ﴿لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ إلى قوله: ﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ﴾ [التحريم: ١ - ٢] فَكَفَّرَ عن يمينهِ، وَصَيَّرَ الحَرام يميناً (١).
وروي عن عُمَرَ وعائِشَةَ أنهما قالا في الحَرامِ: يمينٌ يُكَفِّرُها (٢).
وقال قومٌ: آلى النبيُّ - ﷺ -، وَحرَّمَ (٣).
قالَ قتادةُ: هو أنَّ النبيَّ - ﷺ - قالَ لحفصَةَ: "اسكُتي، فواللهِ لا أَقْرَبُها، وهيَ عَلَيَّ حَرامٌ (٤).
وكذا قالَ زيدُ بنُ أسلمَ من أنَّ النَّبي -صَلَّى الله عليه وسلم - حَرَّمَ أُمَّ إبراهيمَ، قال: "أنتِ عَلَيَّ حَرامٌ، والله، لا أَمَسُّكِ" (٥)، (فأنزلَ اللهُ في ذلك).
وقال مسروقٌ: آلى النبيُّ - ﷺ -، وحَرَّمَ، فأنزلَ اللهُ تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ
(٢) انظر: "المصنف" لابن أبي شيبة (٤/ ٩٦)، و "معرفة السنن والآثار" للبيهقي (٥/ ٤٨٧).
(٣) رواه التِّرمذيُّ (١٢٠١)، وابن ماجه (٢٠٧٢) عن عائشة رضي الله عنها.
(٤) رواه أبو داود في "المراسيل" (٢٤٠)، ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٣٥٣).
(٥) رواه ابن سعد في "الطبقات" (٨/ ٢١٣).