وبهذا قالَ مسروقٌ، وأبو سَلَمَةَ بنُ عبدِ الرَّحمن، والشعبيُّ (١).
ومن أهلِ العلمِ من شَبَّهَهُ بالظِّهارِ؛ لِما فيه من المُنْكَرِ وقولِ الزُّورِ والعَوْدِ إلى ما قالَ وهو قولُ إسحاقَ بنِ راهويه (٢).
وذهبَ الجُمهور من أهلِ العلمِ إلى أنَّه لفظٌ صريحٌ في التحريمِ مصروفٌ (٣) بالنيةِ إلى وجوهِ التحريمِ من البَيْنونَةِ والطَّلاقِ الرَّجْعِيِّ والظِّهارِ والامتناعِ باليمين، فحينئذ اختلفَتْ بهمُ الطرقُ:
فذهبَ مالكٌ إلى أنَّه يقعُ بهِ ثلاثُ طلقاتٍ، سواءٌ كانَتِ المرأةُ مَدْخولاً بها، أم لا، لكن إن نوى أقلَّ من الثلاثِ في غيرِ المَدْخولِ بها قُبِلَ؛ لحصولِ البينونة (٤).
ويروى هذا القولُ عن عَلِي، وزيدِ بنِ ثابتٍ، وبهِ قالَ الحَسَنُ، والحَكَمُ (٥).
وهذا من مالِكٍ على أصلهِ في الكناية الظاهرة؛ كقوله: حَبْلُكِ على غاِربِكِ، وأنتِ خَلِيَّةٌ؛ فإنَّه لا يقبلُ دعوى الزوجِ فيما دونَ الثلاثِ في المدخول بِها، ويقبلُ دعواهُ في غيرِ المدخول بها.
وقيل: لا تقبلُ الدَّعوى سواءٌ كانتِ الزوجةُ مَدْخولاً بها، أم لا.
وهو قولُ عبدِ الملكِ بنِ الماجشون، ويروى عنِ ابنِ أبي ليلى،

(١) انظر: "شرح صحيح البُخاريّ " لابن بطال (٧/ ٤٠٢)، و "بداية المجتهد" لابن رشد (٢/ ٥٨)، و "شرح مسلم" للنووي (١٠/ ٧٤).
(٢) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٦/ ١٨)، و "شرح مسلم" للنووي (١٠/ ٧٤).
(٣) في "ب": "ينصرف".
(٤) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٦/ ١٧).
(٥) انظر: "شرح صحيح البُخاريّ" لابن بطال (٧/ ٤٠١)، و "بداية المجتهد" لابن رشد (٢/ ٥٨).


الصفحة التالية
Icon