وقالَ زُفَرُ مثلَ هذا القول، إلَّا أنَّه إنْ نَوى اثنتين، وقعتا (١).
وذهبَ الشافعيُّ إلى أنَّه إن نوى الطلاقَ، كانَ طلاقاً، فإن نوى واحدةً، فواحدةً، وإن نَوى اثنتين أو ثَلاثاً، فما نوى، وإن نوى الظِّهارَ، كانَ ظهارًا؛ لانصراف الكنايات بالنية، ولأن أصلَه أنَّ اللفظَ في صريحِ الطلاقِ وكنايتهِ يقعُ للواحدةِ وللاثنتينِ وللثلاثِ بالنيَّة، بدليلِ حديثِ رُكانَةَ المشهورِ.
وإن نوى تحريمَ عَيْنِها بغير طَلاقٍ ولا ظِهارٍ، لزمَهُ بنفسِ اللفظِ كفارةُ يميني كَما هو ظاهرُ القرآن، وإن لم يَنْوِ شيئًا، ففيه قولان:
أظهرهما (٢): أن عليه كَفَّارةَ يمين.
والثاني: قولُه لغوٌ لا شيءَ فيهِ (٣).
ويروى مثلُ قوله عن أبي بكرٍ، وعمرَ، وغيرِهما من الصحابةِ والتابعينَ -رضيَ اللهُ تعالى عنهم- (٤).
وذهب الثوريُّ إلى أنَّه إن نَوى الطلاقَ، فطلاقٌ، وإن نوى واحدة أو عددًا، فما (٥) نوى، أو يَميناً، فهو ما نوى (٦)، وإلَّا، فلغوٌ؛ كأحدِ قولَي الشَّافعيِّ (٧).
وذهبَ الأوزاعيُّ إلى مثلِ قولِ الثوريِّ، إلَّا أنَّه قال: إذا لم ينوِ شيئًا،
(٢) في "أ": "أحدهما".
(٣) انظر: "شرح مسلم" للنووي (١٠/ ٧٣).
(٤) انظر: "شرح مسلم" للنووي (١٠/ ٧٤).
(٥) في "ب": "فهو ما".
(٦) "فهو ما نوى" ليس في "ب".
(٧) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (٥/ ٣٦٣)، و "الاستذكار" لابن عبد البر (٦/ ١٨).