* والمتعلِّقُ بهذهِ الأُمَّةِ من الأحكامِ خمسةٌ:
الأول: الأمرُ هل هو للوُجوبِ أو الندبِ؟
ذهبَ أكثرُ أهلِ العلمِ أو عامَّتُهم إلى أنهُ للوجوبِ والحَتْمِ.
وقالَ مَنْ لا يُعْتَدُّ بقوله: إنه للندب.
وهو باطلٌ لا دليلَ عليه، بل الدليل واجبٌ على أنَّه للوجوبِ، وهو قولُه تعالى: ﴿عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ [المزمل: ٢٠]، ولا تكونُ التوبةُ والتخفيفُ إلَّا مِنْ واجِبٍ (١).
الحكم الثَّاني: هل هذا الحكمُ خاصٌّ بالنبيِّ -صَلَّى الله عليه وسلم -، أو شاملٌ لأمتَّهِ معه؟
فذهب أكثرُهُم أو عامَّتُهم إلى دخولِ أمتهِ في هذا الخِطاب (٢)؛ بدليل قوله تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ﴾ [المزمل: ٢٠]، وبدليل قوله تعالى: ﴿عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ﴾ [المزمل: ٢٠].
وذهبَ مَنْ لا يُعْتَدُّ بقولهِ إلى خُروج أُمَّتِهِ منْ هذا الخِطاب (٣)، وهو باطلٌ، لِما ذكرتُه.

(١) انظر: "الناسخ والمنسوخ" للنحاس (ص: ٧٥١)، و "المحرر الوجيز" لابن عطية (٥/ ٣٨٧)، و "التفسير الكبير" للرازي (٣٠/ ١٥٢).
(٢) انظر: "تفسير الطبري" (٢٩/ ١٣١)، و "شرح مشكل الآثار" للطحاوي (١/ ٤٣٠)، و "الناسخ والمنسوخ" للنحاس (ص: ٧٥١)، و "روضة الناظر" لابن قدامة (ص: ٢٠٨).
(٣) انظر: "اللمع في أصول الفقه" للشيرازي (ص: ٢٢)، و "الإحكام" للآمدي (٢/ ٢٧٩).


الصفحة التالية
Icon