الحكم الثالث: أجمعَ أهلُ العلم على أنَّ هذا الحكمَ منسوخٌ (١) في حَقِّ أُمَّتِهِ - ﷺ - بقوله تعالى: ﴿عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ [المزمل: ٢٠].
قال ابنُ عباسٍ -رضيَ اللهُ تعالى عنهما:- كانَ بينَ أَوَّلِ المُزَّمِّلِ وآخرِها قريبٌ من سنَةٍ (٢).
ثمّ يحتملُ أن يكونَ الناسخُ الذي أُمروا به، وهو ما تيَسَّرَ من القرآنِ أن يكونَ حَتْماً لازِماً.
ويحتملُ أن يكون نَدْباً، ويكون هذا مِمَّا نسخَ الوجوبُ فيهِ بالندب (٣).
فإن كانَ نَدْباً، فقد أجمعتِ الأُمَّةُ على [استحبابِ التهجدِ بالليلِ لكلِّ أحدٍ من الأمَّةِ، وإن كان حتماً -وهو الظاهرُ- فقد أجمعتِ الأُمَّةُ على] (٤) أنَّه لا يجبُ على أحدٍ من الأمةِ قيامُ شيءٍ من اللَّيل؛ لما روى طَلْحَةُ بنُ عُبَيْدِ الله -رضيَ الله تعالى عنه- قال: جاءَ أعرابيٌّ من أهلِ نجدٍ ثائرَ الرأسَ يُسْمَعُ دَوِيُّ صوته ولا نَفْقَهُ ما يقولُ حتَّى دَنا من رسولِ اللهِ - ﷺ -، فإذا هو يسألُ عن الإِسلام، فقالَ النبيُّ - ﷺ -: "خَمْسُ صَلَواتٍ في اليومِ واللَّيلَةِ"، قال: هلْ
(٢) رواه أبو داود (١٣٠٥)، كتاب: الصَّلاة، باب: نسخ قيام الليل، وابن أبي شيبة في "المصنف" (٣٥٩٤٢)، والطبراني في "المعجم الكبير" (١٢٨٧٧)، والحاكم في "المستدرك" (٣٨٦٤)، والبيهقيّ في "السنن الكبرى" (٢/ ٥٠٠)، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (٤٤٠).
(٣) في "أ": "الندب".
(٤) ما بين معكوفتين ليس في "أ".