على غيرُها؟ قال: "لا، إلَّا أن تَطَوَّعَ" (١)، خَرَّجَهُ البخاريُّ ومسلمٌ.
ثم هذا الحكمُ منسوخٌ بغيرهِ كما نُسِخَ بهِ غيرُه، وعلى هذا أكثرُ النَّاسِ (٢)؛ بدليل الإجماعِ على أنَّه لا يجبُ أكثرُ من خَمْسِ صلواتٍ، وبدليلِ حديثِ طلحةَ بنِ عبيدِ اللهِ.
قال الشافعيُّ -رحمَهُ اللهُ تعالى-: ويقال: نُسِخَ ما في المُزَّمِّلِ بقولهِ عزَّ وجَلَّ: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (٧٨) وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ﴾ [الإسراء: ٧٨ - ٧٩] فأعلمَه أنَّ صلاةَ الليلِ نافلة لا فريضة، وأن الفرائضَ فيما ذكرَ من ليلٍ أو نهارٍ (٣).
الحكم الرابع: دخولُ النَّبيِّ -صَلَّى الله عليه وسلم - معَ أُمَّتِهِ في النَّسخِ لقيامِ الليلِ.
اختلفَ فيه أهلُ العلمِ: فالصحيحُ عندَ الشافعيةِ أنَّ الوجوبَ منسوخ في حَقِّه (٤).
وذهبتِ المالكيةُ إلى بقاءِ الوجوبِ عليه (٥) - ﷺ - (٦)، قال ابنُ عباس -رضيَ اللهُ تَعالى عنهما-: ﴿نَافِلَةً لَكَ﴾ معناهُ: فرضٌ عليكَ خاصَّةً (٧).
(٢) انظر: "الرسالة" للإمام الشافعي (ص: ١١٥)، و "الفصول في الأصول" للجصاص (٢/ ٢٨١).
(٣) انظر: "الأم" للإمام الشَّافعي (١/ ٦٨)، و "السنن الكبرى" للبيهقي (١/ ٣٥٨).
(٤) انظر: "الأم" للإمام الشَّافعي (١/ ٦٨)، و "تفسير الثعلبي" (٦/ ١٢٣).
(٥) في "ب": "في حقه" بدل "عليه".
(٦) انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي (٣/ ٢١٣)، و "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١٩/ ٥٥).
(٧) رواه البيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٣٩). وانظر: "الدر المنثور" للسيوطي (٥/ ٣٢٣).