ما نجدُ الرَّجْمَ في كِتابِ اللهِ، فَيَضِلُّونَ بتركِ فَريضةٍ أَنزلَها اللهُ، ألا إن الرَّجْمَ إذا أَحْصنَ الرجلُ، وقامَتِ البينةُ، أو كانَ الحَبَلُ أوِ الاعترافُ، وقد قرأناها: (الشيخُ والشَّيخَةُ إذا زَنيَا فارجُموهُما ألبَتَّةَ)، وقَدْ رَجَمَ رسولُ اللهِ - ﷺ -، ورَجَمْنا (١).
ثمَّ اختلفَ أهلُ السنةِ.
فقالَ قومٌ ببقاءِ عُموم الآيةِ، فأوجَبوا الجَلْدَ معَ الرَّجْمِ في حَقِّ المُحْصَنِ، وإليه ذهبَ الحَسَنُ وأَحْمَدُ وإسحاقُ وداودُ (٢)، واحتجُّوا بحديثِ عُبادَةَ بنِ الصَّامِتِ (٣)، ولما رُويَ: أَنَّ عَلِيًّا -رضي اللهُ تعالى عنه- جَلَدَ شُرَيْحَةَ الهَمْدانِيَّةَ يومَ الخَميسِ، ورجَمَها يومَ الجُمُعة، وقال: أَجْلِدُها بكتابِ اللهِ، وأرجُمُها بِسُنَّةِ رسولِ اللهِ - ﷺ - (٤).
وقالَ جُمهورُهم: نُسِخَ الجَلْدُ عن المُحْصَنِ (٥)؛ لأنَّ النبيَّ - ﷺ - رَجَمَ ماعِزاً، ولَمْ يَجْلِدْهُ (٦)، وأَمَر أُنَيْساً أن يغدوَ على امرأةِ الرجلِ، فإن اعترفَتْ
(٢) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٧/ ٤٧٨)، وعن الإمام أحمد روايتان، انظر: "المغني" لابن قدامة (٩/ ٣٩ - ٤٠).
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) تقدم تخريجه.
(٥) انظر: "الأم" للشافعي (٦/ ١٣٤)، و"روضة الطالبين" للنووي (١٠/ ٨٦)، و"مغني المحتاج" للشربيني (٤/ ١٤٦)، و"أحكام القرآن" للجصاص (٥/ ٩٧)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (٧/ ٤٧٨)، و"بداية المجتهد" (٢/ ٣٢٥)، و"القوانين الفقهية" لابن جزي (ص ٢٣٢).
(٦) تقدم تخريجه.