نَفَى رجلاً، وقالَ: لا أنفي بعدَهُ (١).
ورُدَّ بأنَّ عمرَ نَفى في الخَمْرِ، ثم رأى أنه (٢) بدعةٌ، فليسَ الخمر كالزنا (٣).
وقالَ مالكٌ: يغرَّبُ الرجلُ دُونَ المرأةِ؛ لأَنَّها تُعَرَّضُ بالغُرْبَةِ لأكبرَ مِنَ الزنى (٤)؛ بناءً على أصلهِ من العملِ بالمَصالحِ المُرْسَلَةِ التي هيَ ضَرْبٌ منَ الاسْتِحْسان.
* وأَمْرُ اللهِ سبحانَهُ بجلدِ الزُّناةِ مُطْلَقٌ في جميعِ الأحوالِ، ولا شَكَّ في أَنَّ حال الإنسان مختلفٌ بالصِّحَّةِ والمَرَضِ، والحَرِّ والبَرْدِ:
فذهبَ قومٌ إلى حملِ الأمرِ على إطلاقِه، فأقاموا الحَدَّ في جَميعِ الأحوال؛ لأنه فريضةٌ واجبةٌ، فلا تُؤَخَّرُ عن وَقْتِها، ولأنَّ عمرَ -رضيَ اللهُ تعالى عنه - أقام الحَدَّ على قُدامَةَ وهو مريضٌ، ولأنه أبعدُ منَ الرأفَةِ بالزَّاني، واللهُ تَعالى يقول: ﴿وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ﴾ [النور: ٢].
وبه قالَ أحمدُ وإسحاقُ (٥).
وذهبَ الجمهورُ إلى تقييدِ هذا الإطلاقِ بالمعنى، فلا يُقامُ عليهِ إلا عندَ اعتدالِ الحالِ والهواءِ؛ لما فيه من خوفِ الهَلاكِ عليه، ولشهادَةِ الأُصولِ بتأخيرِ الفَرائِضِ عندَ خَوْفِ الهلاكِ (٦).

(١) انظر: "الأم" للإمام الشافعي (٦/ ١٣٥).
(٢) في "ب": "رآه".
(٣) في "أ": "الأمر في الزنا".
(٤) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٧/ ٤٨٠)، و"بداية المجتهد" لابن رشد (٢/ ٣٢٦)، و "القوانين الفقهية" لابن جزي (ص ٢٣٢ - ٢٣٣).
(٥) انظر: "المغني" لابن قدامة (٩/ ٤٨)، و"كشاف القناع" للبهوتي (٦/ ٨٢).
(٦) انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (١٣/ ٢١٣ - ٢١٤)، و"مغني المحتاج" =


الصفحة التالية
Icon