* ثم أمرَ اللهُ سبحانَه بأنْ يشهدَ عَذابَهُما طائِفَةٌ منَ المؤمنين، وهذا الأمرُ عندَ أهلِ العلمِ للاسْتِحباب، وإنَّما اختلفوا في أَقَلِّ الطَّائِفَةِ، فقيلَ: أربعةٌ، وقيل: ثلاثةٌ، وقيل: اثنان (١).
* * *
٢٠٢ - (٢) قوله عَزَّ وجَلَّ: ﴿الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النور: ٣].
أقول: مثلُ هذهِ الآيةِ في الحَصْرِ ما روى أبو هُريرةَ -رضيَ اللهُ تعالى عنه -: أَنَّ النبيَّ - ﷺ - قال: "لا يَنْكِح الزَّاني المَجْلودُ إلَّا مِثْلَهُ" (٢).
* وقد اختلفَ الناسُ في هذهِ؛ لمخالفةِ ظاهِرِها القواعدَ المتقررَةَ في الشريعةِ المُجْمَعَ عليها:
فذهبَ قومٌ إلى الأَخْذ بظاهرِها وظاهرِ الحديثِ، فَحَرَّموا نِكاحَ الزانيةِ المجلودةِ إلَّا على مِثْلِها زانٍ مَجْلودٍ، وحَرَّموا نِكاحَ الزاني إلا على زانيةٍ (٣)، ورويَ عنِ ابنِ عباسٍ -رضي الله تعالى عنه-: أنه قال في الآية: هو حكمٌ

= للشربيني (٤/ ١٥٤)، و"الهداية" للمرغيناني (٢/ ٩٩)، و"بدائع الصنائع" للكاساني (٧/ ٥٩)، و"القوانين الفقهية" لابن جزي (ص ٢٣٣).
(١) انظر: "تفسير الطبري" (١٨/ ٦٨ - ٧٠)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١٢/ ١٦٦)، و"الدر المنثور" للسيوطي (٦/ ١٢٦).
(٢) رواه أبو داود (٢٠٥٢)، كتاب: النكاح، باب: في قوله تعالى: ﴿الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً﴾، والإمام أحمد في "المسند" (٢/ ٣٢٤)، وابن عدي في "الكامل في الضعفاء" (٢/ ٤١٠)، والحاكم في "المستدرك" (٢٧٠٠)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ١٥٦).
(٣) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١٢/ ١٦٧)، و"الدر المنثور" للسيوطي (٦/ ١٣٠).


الصفحة التالية
Icon