بينَهُما. حتى قالَ قومٌ: طَرَآنُ الزنى يَفْسَخُ النكاحَ (١).
والأخذُ بظاهرِ الآيةِ ضعيفٌ؛ للإجماعِ على أنه لا يجوزُ للمسلمةِ الزانيةِ أن تنكحَ مُشْرِكاً، وأنه لا يجوزُ للزاني المسلمِ أن ينكحَ مشركةً غيرَ كتابية، ولِما رُوي: أن رجلاً قال: يا رسولَ الله! إن زوجتي لا تَرُدُّ يدَ لامِسٍ، فقال لهُ النبيُّ - ﷺ -: "طَلِّقْها"، فقال له: إني أريدُها، فقالَ له: "فَأَمْسِكْها" (٢).
ثم اختلفَ الآخرونَ:
فمنهُم مَنِ ادَّعى أنها منسوخةٌ (٣) بقوله تعالى: ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ﴾ [النور: ٣٢]، فدخلَتِ الزانيةُ في أيامى المُسلِمين.
وبه قالَ سعيدُ بنُ المُسَيِّبِ، واختارَهُ الشافعيُّ، قال: أنا سُفيانُ، عن يحيى بنِ سعيدِ، عن سعيد بنِ المسيِّبِ: أنه قالَ في قول الله تعالى: ﴿الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ﴾ [النور: ٣]: إنها منسوخةٌ، نسخَها قولُ اللهِ عَر وجَل: ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ﴾ [النور: ٣٢]، فهي من أيامى المسلمين.
ثم قال: والذي يشبه -والله أعلم- ما قالَ ابنُ المسيِّبِ (٤).
وهذا القولُ ضعيفٌ جِدًّا لوجهينِ:
(٢) رواه النسائي (٣٤٦٥)، كتاب: الطلاق، باب: الظهار، والإمام الشافعي في "مسنده" (٢٨٩١)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ١٥٤)، والخطيب البغدادي في "الجامع لأخلاق الراوي والسامع" (٢/ ٢٩٦)، عن ابن عباس.
(٣) انظر: "المصفى بأكف أهل الرسوخ" (ص: ٤٥)، و"ناسخ القرآن العزيز ومنسوخه" (ص: ٤٢)، و"قلائد المرجان" (ص: ١٣٣).
(٤) رواه الإِمام الشافعي في "الأم" (٥/ ١٤٨)، وفي "مسنده" (٢٧٣)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ١٥٤) من طريق الشافعي، به.