فتقتلونَهُ، أم كيفَ يصنعُ؟ فقالَ رسول الله - ﷺ -: "قَدْ أنزلَ اللهُ فيكَ وفي صاحِبَتِكَ"، فأمرَهما رسولُ الله - ﷺ - بالمُلاعَنَة بِما سَمَّى اللهُ في كتابِه، فلاعَنَها، ثم قال: يا رسولَ اللهِ! إن حبستُها فقد ظلمتُها، فطلَّقَها ثلاثاً، فكانتْ سُنَّةً لِمَنْ كانَ بعدَهما في المتلاعنين، ثم قالَ رسولُ الله - ﷺ -: "انظُروا، فإنْ جاءَتْ بهِ أَسْحَمَ أَدْعَجَ العَيْنَينِ عَظيم الإلْيَتَيْنِ خَدَلَّجَ الساقَيْنِ، فَلا أَحْسَبُ عُوَيْمِراً إلّا قَدْ صَدَقَ عَلَيْها، وإنْ جاءَتْ بهِ أَحْمَرَ كأنهُ وَحَرَةٌ، فلا أَحْسَبُ عُوَيْمِراً إلا قَدْ كَذَبَ عَلَيْها"، فجاءَتْ بهِ على النَّعْتِ الذي نعتَ رسولُ اللهِ - ﷺ - من تصديقِ عويمرٍ، فكان بَعْدُ يُنْسَبُ إلى أمِّهِ (١).
ورويناه فيه أيضاً عنِ ابنِ عَبّاسٍ -رضيَ اللهُ تعالى عنهما -: أَنَّ هلالَ بنَ أُمَيَّةَ قذفَ امرأتَهُ عندَ النبيِّ - ﷺ - بِشَريكِ بنِ سَحْماءَ، فقالَ النبيُّ - ﷺ -: "البيَّنَةَ أو حَدٌّ في ظَهْرِكَ"، قال: يا رسولَ اللهِ! إذا رأى أحدُنا على امرأتِهِ رَجُلاً ينطلِقُ يَلْتَمِسُ البَيِّنَةَ؟! فجعلَ النبيُّ - ﷺ - يقول: "البيَّنَةَ وإلاّ حَدٌّ في ظَهْرِكَ"، فقال هلالُ بنُ أميةَ: والذي بعثك بالحَقِّ! إني لصادقٌ، ولَيُنْزِلَنَّ اللهُ ما يُبَرِّئُ ظَهْري منَ الحَدِّ، فنزل جبريلُ، وأنزل اللهُ عليه: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ﴾، فقرأ حتى بلغ: ﴿إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [النور: ٦ - ٩]، فانصرفَ النبيُّ - ﷺ -، فأرسلَ إليها، فجاءَ هلالٌ فشهدَ، والنبيُّ - ﷺ - يقول: "إنَّ اللهَ يعلمُ أَنَّ أَحَدَكُما كاذبٌ، فهلْ منكما (٢) تائِبٌ؟ "، ثم قامت فشهدَتْ، فلما كان عندَ الخامسةِ وَقَفُوها وقالوا: إنها مُوجِبَةٌ، قال ابنُ عباسٍ: فَتَلَكَّأَتْ ونَكَصَتْ حتى ظَنَنَّا أنها ترجعُ، ثم قالَتْ: لا أَفْضَحُ قومي سائرَ اليومِ، فمضت، وقال النبيُّ: - ﷺ -: "انْظُروها، فإنْ جاءَتْ به أَكحَلَ العَيْنَيْنِ سابغَ

(١) رواه البخاري (٤٤٦٨)، كتاب: التفسير، باب: قوله عز وجل: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ...﴾.
(٢) في "أ": "منكم".


الصفحة التالية
Icon