ومَنَعَت طائفةٌ من النُّحَاة أن يعمل ما بعد "اللاَّم" فيما قبلها، وهذه الآيات حُجَّةٌ على الجواز، فإنَّ قوله: ﴿لِرَبِّهِ﴾ معمول ﴿لَكَنُودٌ (٦)﴾، وقوله: ﴿عَلَى ذَلِكَ﴾ معمول ﴿لَشَهِيدٌ (٧)﴾، ولا وجه للتكلُّف البارد في تقدير عامِلٍ مقدَّمٍ محذوفٍ يفسِّرُه هذا المذكور، فالحقُّ جوازُ: إنِّي لِزَيْدٍ لَضَارِبٌ.
فوصف - سبحانه - الإنسانَ بكفران نِعَمِ ربِّهِ، وبُخْلِهِ بما آتاه من الخير، فلا هو شكورٌ لِنعَمِ الله، ولا محسِنٌ إلى خلق الله، بل بخيلٌ بشكر الله، بخيل بمال الله، وهذا ضِدُّ المؤمن الكريم، فإنَّه مخلِصٌ لربِّهِ، محسِنٌ إلى خلقه (١)، فالمؤمن له الإخلاص والإحسان، والفاجر له الكفر والبخل.
وقد ذَمَّ الله - سبحانه - هذين الخُلُقَين المُهْلِكَين في غير موضعٍ من كتابه، كقوله تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (٥) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (٦) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (٧)﴾ [الماعون: ٤ - ٧]، فلا إخلاص ولا إحسان.
وكذلك قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (٢٣) الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ﴾ الآية [الحديد: ٢٣ - ٢٤]، فِاختيال الإنسان وفَخْرُهُ من كُفْره وكُنُودِه، وهذا ضدُّ قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٣)﴾ [البقرة: ٣]، وقوله تعالى: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ الآية (٢) [النساء: ٣٦].

(١) من قوله:
"بل بخيلٌ بشكر الله " إلى هنا؛ ساقط من (ح).
(٢) ساقط من (ز).


الصفحة التالية
Icon