التمييز بين ما ينفعه ويضرُّهُ، ثُمَّ ركوبه بعد ذلك طبقًا آخر وهو طبق البلوغ، ثُمَّ ركوبه طَبَقَ الأَشُدِّ، ثُمَّ طَبَقَ الشيخوخة، ثُمَّ طبق الهَرَمِ، ثُمَّ ركوبه طبق الموتِ وشأنِهِ، ثُمَّ ركوبه طبق (١) ما بعده في البرزخ، وركوبه في أثناء هذه الأحوال أطباقًا عديدةً، لا يزال يتنقَّلُ فيها حالاً بعد حالٍ إلى دار القرار، فذلك (٢) آخِرُ أطباقه التي يعلمها العباد، ثُمَّ يفعل الله -سبحانه- بعد ذلك ما يشاء.
واختار أبو عبيد (٣) قراءةَ الضَّمِّ (٤)، وقال: "المعنى بالنَّاس أَشْبَهُ منه بالنبى - ﷺ -؛ فإنَّه ذكر قبل الآية من يُؤتَى كتابه بيمينه وشماله، ثُمَّ ذكر بعدها قوله: ﴿فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٢٠)﴾، فذكر كونهم طبقًا بعد طبق".
قال الواحديُّ: "وهذا قول أكثر المفسِّرين، قالوا: لتركَبُنَّ حالاً بعد حالٍ، ومنزلاً بعد منزلٍ، وأمرًا بعد أمرٍ" (٥).
قال سعيد بن جبير، وابن زيد: "لتكونُنَّ في الآخرة بعد الأُولَى، ولَتَصِيرُنَّ أغنياءَ بعد الفقر، وفقراءَ بعد الغِنى".
وقال عطاء: "شِدَّةً بعد شِدَّةٍ".
وقال أبو عبيدة: "لتركَبُنَّ سُنَّةَ من كان قبلكم في التكذيب

(١) ساقط من (ز).
(٢) في (ز): فذكر.
(٣) من (ح) و (م)، وفي باقي النسخ: أبو عبيدة.
(٤) انظر: "الكشف والبيان" (١٠/ ١٦١)، و"الجامع" (١٩/ ٢٧٦).
(٥) "الوسيط" (٤/ ٤٥٥)، دون عبارته الأولى.


الصفحة التالية
Icon