الفعل لا ارتباط بينها وبينه إلا مجرَّد اقترانٍ عادِي (١) من غير أن يكون سببًا فيه.
وقوله -عزَّ وجلَّ-: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾ [التكوير: ٢٩] ردٌّ على "القَدَرِيَّة" القائلين بأنَّ مشيئة العبد مستقِلَّةٌ بإيجاد الفعل من غير توقُّفٍ على مشيئة الله -عزَّ وجلَّ-، بل متى شاءَ العبدُ الفعلَ وُجِدَ، ويستحيلُ عندهم تعلُّقُ مشيئة الله -عزَّ وجلَّ- بفعل العبد، بل هو يفعله بدون مشيئة الله تعالى.
فالآيتان مُبْطِلَتَان لقول الطائفتين.
فإنْ قال الجَبرْيُّ: هو -سبحانه- لم يقل إنَّ الفعل واقعٌ بمشيئة العبد، بل أخبر أنَّ الاستقامة تحصل عند المشيئة، ونحن قائلون بذلك.
وقال القَدَريُّ: قوله -عزَّ وجلَّ-: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾ المشيئةُ مختلِفة، فمشيئةُ العبد هي المُوجِبَةُ للفعل التي بها يقع، ومشيئة الله لفعله هو أمره له به، ونحن لا ننكر ذلك.
فالجواب: أنَّ هذا من تحريف الطائفتين: -
أمَّا الجَبرْيُّ فيقال له: اقتران الفعل عندك بمشيئة العبد بمنزلة اقترانه بلَوْنِه (٢)، وشكْلِه، وسائر أعراضِهِ التي لا تأثير لها في الفعل، فإنَّ نسبةَ جَميع أعراضه إلى الفعل في عدم التأثير نسبةُ إرادته (٣) عندك، والاقتران حاصلٌ بجميع أعراضه، فما الذي أوجب تخصيص المشيئة؟
(٢) تصحفت في جميع النسخ إلى: بكونه.
(٣) في (ح) و (م): نسبةٌ إراديَّة.