عليه. فدلَّت الآية على الفعل، وذُكِرت القُدْرَةُ لإبطال قول المكذِّبين.
وفي ذكر "البَنَان" لطيفةٌ أخرى، وهي أنَّها أطرافُه، وآخر ما يَتِمُّ به خَلْقُه، فمن قَدَرَ على جمع أطرافه وآخر ما يَتِمُّ به خَلْقُه -مع دِقَّتها وصِغَرِها ولطافتها- فهو على ما دون ذلك أقدر، فالقوم لمَّا استبعدوا جمع العظام بعد الفناء والإرمام قيل: إنَّا نجمعُ ونسوِّى أكثر منها تفرُّقًا، وأَدَقَّها أجزاءً، وأجزاءَ أطراف البدن، وهي عظام (١) الأنامل ومفاصلها (٢).
وقالت طائفةٌ: المعنى: نحن قادرون على أن نُسوِّيَ أصابع يديه ورجليه، ونجعلها مستويةً شيئًا واحدًا كَخُفِّ البعير، وحافِرِ الحمار، لا نفرِّقُ بينها (٣)، ولا يمكنه أن يعمل بها (٤) شيئًا ممَّا يعمل بأصابعه المفرَّقَة ذات المفاصل والأنامل من فنون الأعمال، والبَسْط، والقبض، والتأتِّى لما يريد من الحوائج. وهذا قول ابن عباس (٥)، وكثيرٍ من المفسِّرين (٦).
(٢) هذا كلام ابن عطية في "المحرر الوجيز" (١٥/ ٢٠٨).
(٣) من (ح) و (م)، وفي باقي النسخ: بينهما.
(٤) في (ز): بهما.
(٥) أخرجه: عبد الرزاق في "تفسيره" (٢/ ٣٣٣)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (١٠/ رقم ١٩٠٥٦)، وابن جرير في "تفسيره" (١٢/ ٣٢٨).
وزاد السيوطي نسبته إلى: سعيد بن منصور، وابن المنذر. "الدر المنثور" (٦/ ٤٦٤).
(٦) قال الثعلبي: "هذا قول عامة المفسرين". "الكشف والبيان" (١٠/ ٨٣).
وانظر: "معالم التنزيل" (٨/ ٢٨١)، و "زاد المسير" (٨/ ١٣٤).