والمقصود أنَّ هذا الرَّبْطَ معه يكون الصبر أشدَّ وأثبتَ، بخلاف الخَتْم.
العاشر: أنَّ "الخَتْمَ" هو: شَدُّ القلب حتَّى لا يشعر ولا يفهم، فهو مانعٌ يمنع العلم والتصديق، والنبىُّ - ﷺ - كان يعلم قول أعدائه: إنَّه افترى القرآن، ويشعر به، فلم يجعل الله على قلبه مانعًا من شعوره بذلك، وعلمه به.
فإنْ قيل: الأمرُ كذلك، ولكن جعل الله على قلبه مانعًا من التّأَذِّي بقولهم.
قيل: هذا أَوْلَى أن لا يسمَّى خَتْمًا، وقد كان (١) يُؤذِيه قولُهم ويُحزِنُه، كما قال تعالى: ﴿قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ﴾ [الأنعام: ٣٣]، وكان وصول هذا الأذى إليه من كرامة الله له، فإنَّه لم يُؤذَ نبيٌّ ما أُوذِيَ.
فالقول في الآية هو قول قتادة. والله أعلم.
ثُمَّ أخبر -سبحانه- أنَّ القرآنَ تذكرةٌ للمتقين؛ يتذكَّرُ به المتَّقي، فيُبصِرُ ما ينفعه فيأتيه (٢)، وما يَضُرُّه فيجتنبه، ويتذكَّرُ به أسماء الرَّبِّ -تعالى- وصفاتِه وأفعالَه فيُؤمِنُ، ويتذكَّرُ به ثوابَهُ، وعقابَهُ، ووعْدَهُ (٣)، ووعيدَهُ، وأمره، ونهيه، وآياته في أوليائه وأعدائه ونفسه، وما يُزَكِّيها ويُطَهِّرها ويُعْلِيها، وما يُدَسِّيها ويُخْفِيها ويُحَقِّرها. ويتذكَّرُ به علم
(٢) "فيأتيه" ملحق بهامش (ح).
(٣) ساقط من (ح).