المبدأ (١) والمَعَاد، والجنَّة والنَّار، وعلم الخير والشَرِّ. فهو التذكرة على الحقيقة، تذكرةُ حُجَّةٍ للعالمين، ومنفعةٍ وهدايةٍ للمتعلِّمين.
ثُمَّ قال سبحانه: ﴿وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (٤٩)﴾ [الحاقة: ٤٩] لا يَخْفَون علينا، فَسَنُجَازِيهم (٢) بتكذيبهم.
ثُمَّ أخبر -سبحانه- أنَّ رسولَهُ وكَلاَمَهُ حسرةٌ على الكافرين، إذا عَايَنُوا حقيقة ما أَخْبَرَ به (٣) كان تكذيبهم عليهم من أعظم الحسرات حين لا ينفعهم التحسُّرُ. وهكذا كلُّ من كذَّبَ بحقٍّ، وصدَّقَ بباطلٍ فإنَّه إذا انكشف له حقيقة ما كذَّبَ به، وصدَّقَ به؛ كان تكذيبه وتصديقه حسرةً عليه، كمن فرَّطَ فيما ينفعه وقتَ تحصيله، حتَّى إذا اشتدَّتْ حاجته إليه، وعايَنَ فوز المحصِّلين (٤)؛ صار تفريطه حسرةً عليه.
ثُمَّ أخبر -سبحانه- أنَّ القرآنَ والرسولَ "حقُّ اليقين"، فقيل: هو من باب إضافة الموصوف إلى صفته، أي: الحقُّ اليقينُ، نحو: مسجد (٥) الجامع، وصلاة الأُولي (٦). وهذا موضعٌ يحتاج إلى تحقيقٍ،
(٢) في (ز) و (ك) و (ن) و (ط): فنجازيهم.
(٣) ساقط من (ز).
(٤) في (ك): المخلصين.
(٥) ملحق بهامش (ك).
(٦) فهو من باب إضافة الشيء إلى نفسه، والعرب تُجيز ذلك إذا اختلف لفظه، وهذا مذهب الكوفيين، وقال به: الفرَّاء في "معانيه" (١/ ٣٣٠)، والزمخشري في "المفضَّل" (٩١ - ٩٢)، وابن الطراوة، وابن طاهر، وابن خروف، وجماعة.
وذهب البصريون إلى أنَّ إضافة الشيء إلى نفسه لا تجوز؛ لأنَّ الإضافة =