فهذا خبرٌ لفظًا ومعنىً، ولو كان نهيًا لكان مفتوحًا.
ومن حَمَلَ الآية على النَّهْي احتاج إلى صرف الخبر عن ظاهره إلى معنى النَّهْي، والأصل في الخبر والئهْي حَمْلُ كُلٍّ منهما على حقيقته، وليس ههنا مُوجِبٌ يُوجِبُ صَرْف الكلام عن الخبر إلى النَّهْي.
الوجه الثامن: أنَّه قال: ﴿إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (٧٩)﴾ ولم يقل: إلا المتطهِّرون. ولو أراد به مَنْعَ المُحْدِثِ من مَسِّهِ لَقَال: إلا المتطهِّرون، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (٢٢٢)﴾ [البقرة: ٢٢٢]، وفي الحديث: "اللهُمَّ اجعَلْني [ح/٨٥] من التوَّابين، واجعلني من المُتَطَهِّرين" (١)، ف "المُتَطَهِّر" فاعِلُ التطهير، و"المُطَهَّر"

= (١٧/ ٣٩٩).
(١) أخرجه بهذا اللفظ: الترمذي في "سننه" رقم (٥٥) من طريق أبي إدريس الخولاني، عن عمر مرفوعًا، وقال: "في إسناده اضطرابٌ، ولم يصح عن النبيِّ - ﷺ - في هذا الباب كبير شيءٍ، قال محمد -يعني البخاري-: أبو إدريس لم يسمع من عمر شيئًا".
وأصل الحديث في "صحيح مسلم" رقم (٢٣٤) وغيره بدون هذه الزيادة، قال الحافظ: الم تثبت هذه الزيادة في هذا الحديث، فإنَّ جعفر بن محمد - شيخ الترمذي- تفرَّد بها، ولم يضبط الإسناد، فإنَّه أسقط بين أبي إدريس وبين عمر: جُبير بن نفير وعُقْبة، فصار منقطعًا، بل معضلاً... إلى أن قال:
وقد وجدتُ للزيادة شاهدًا من حديث ثوبان ! ثم ساق الحديث بإسناده. "نتائج الأفكار" (١/ ٢٤٢).
وللحدبث شواهد، منها:
١ - حديث ثوبان -رضي الله عنه-؛ أخرجه: ابن السُّنِّي في "عمل اليوم والليلة" رقم (٣٣)، ومن طريقه الأصبهاني في "الترغيب والترهيب" رقم (٢٠٦٨)، والطبراني في "الأوسط" رقم (٤٨٩٢)، والرافعي في "التدوين في أخبار =


الصفحة التالية
Icon