وإمَّا أن تكون موصولة؛ فيكون المعنى: ما كَذَّبَ الفؤادُ الذي (١) رآه بعينه.
وعلى التقديرين؛ فهو إخبارٌ عن تطابقِ رؤية القلب لرؤية البصر وتوافُقِهما، وتصديقِ كل منهما لصاحبه. وهذا ظاهرٌ جدًّا في قراءة التشديد.
وقد استشكلها طائفةٌ منهم المُبَرِّد، وقال: "في هذه القراءة بُعْدٌ"، قال: "لأنَّه (٢) إذا رأى بقلبه فقد عَلِمَهُ -أيضًا- بقلبه، وإذا وَقَعَ العِلْمُ فلا كذب معه؛ فإنَّه إذا كان الشيء في القلب معلومًا، فكيف يكون معه تكذيب؟ " (٣).
قلتُ: [ز/ ٨٩] وجواب هذا من وجهين:
أحدهما: أنَّ الرجلَ قد يتخيَّلُ الشيءَ على خلاف ما هو به فَيَكْذِبُهُ قَلْبُهُ، إذ يُريه صورةَ المعلوم على خلاف ما هي عليه، كما تكذِبُهُ عَيْنُهُ، فيقال: كَذَبَهُ قَلْبُهُ، وكَذَبَهُ ظَنهُ، وكَذَبَتْهُ عَيْنُهُ. فنَفَى -سبحانه- ذلك عن رسوله، وأخبر أنَّ ما رآه الفؤادُ فهو كما رآه، كَمَنْ رأى الشيءَ على حقيقة ما هو به، فإنَّه يصحُّ أن يقال: لم تكذِبْهُ عَينُهُ.
الثاني: أن يكون الضمير في ﴿رَأَى (١١)﴾ عائدًا إلى

(١) تكررت مرتين في (ك).
(٢) في (ز) و (ن) و (ك) و (ط) زيادة: رأى!
(٣) ذكره الواحديُّ في "الوسيط" (٤/ ١٩٥ - ١٩٦)، وقال عقبه: "وهذا على ما قال المبرد إذا جعَلْتَ الرؤيةَ للفؤاد، فإن جعلتها للعين زال الإشكال، وصحَّ المعنى، فيقال: ما كذب فؤادُه ما رآه ببصره".


الصفحة التالية
Icon