الرائي (١) لا إلى الفؤاد، ويكون المعنى: ما كذَّبَ الفؤادُ ما رآهُ البَصَرُ. وهذا- بحمد الله- لا إشكال فيه، والمعنى: ما كذَّبَ الفؤادُ ما رآهُ البَصَرُ (٢)، بل صدَّقَهُ.
وعلى القراءتين فالمعنى: ما أَوْهَمَهُ الفؤادُ أنَّه رأى ولم يَرَ، ولا اتَّهَمَ بصَرَهُ.
ثُمَّ أنكر -سبحانه- عليهم مُكَابَرَتَهُم وجَحْدَهُم له على ما رآه، كما يُنْكَرُ على الجاهل مُكَابَرَتُهُ للعالِم، ومُمَاراتُهُ له على ما عَلِمَهُ.
وفيها قراءتان: "أَفَتُمَارُونَهُ"، و"أَفَتَمْرُونَهُ" (٣).
وهذه المادَّةُ أصلها من: الجَحْدِ والدَّفْعِ، تقول: مَرَيْتُ الرجلَ حقَّه؛ إذا (٤) جَحَدْتَهُ. كما قال الشاعر (٥):

(١) في جميع النسخ: الرأي، ولعله تحريف.
(٢) من قوله: "وهذا- بحمد الله-... " إلى هنا؛ ملحق بهامش (ح).
و"ما رآه البصر" ساقط من (ز) و (ن) و (ك) و (ط).
(٣) قرأ حمزة، والكسائي، ويعقوب، وخَلَف: "أَفتَمْرُونَهُ"؛ بفتح التاء، وسكون الميم، بلا ألفٍ بعدها.
وقرأ الباقون: "أَفَتُمَارُونَهُ"؛ بضم التاء، وفتح الميم، بعدها ألفٌ.
انظر: "النشر" (٢/ ٣٧٩)، و"إتحاف فضلاء البشر" (٢/ ٥٠١).
(٤) في (ز): أيْ.
(٥) ذُكر هذا البيت في: "الكشاف" (٤/ ٤٢١)، و"البحر المحيط" (٨/ ١٥٧)، و"الدر المصون" (١٠/ ٨٩)، و"الجامع" (١٧/ ٩٣)؛ بدون نسبةٍ لقائل!
وقد شرحه محبُّ الدين أفندي في "تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات" (٩٧) وذكر له نظائر، لكنه لم ينسبه لقائله -على خلاف عادته في كتابه هذا! - والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon