وهذا غَلَطٌ قطعًا؛ فإنَّ القصَّةَ إنَّما كانت بالمدينة كما قال معاذُ بن جبل: احتبَسَ عنَّا رسولُ الله - ﷺ - في صلاة الصبح حتَّى كِدْنا نَتَراءَى عينَ الشمس، ثُمَّ خرجَ فصلَّى بنا، ثُمَّ قال: "رأيتُ ربِّي البارحة في أحسن صورةٍ، فقال: يا محمد؛ فيمَ يختصم الملأ الأَعْلَى؟ " وذكر الحديث (١). فهذا كان بالمدينة، والإسراءُ كان بمكة (٢).
وليس عن الإمام أحمد؛ ولا عن النبيِّ - ﷺ - نصٌّ أنَّه رآه بعينه يَقَظَةً (٣)، وإنَّما حمَّلَ القاضي كلامَ أحمد ما لا يحتمله، واحتجَّ لما فَهِمَ

= وأخرجه بدون قوله: "لمَّا كانت ليلةَ أُسْرِيَ بي": الطبراني في "الدعاء" رقم (١٤١٦)، والخطيب في "تاريخ بغداد" (٨/ ١٥٢)، ومن طريقه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" رقم (١٠).
(١) سبق تخريجه (ص/٣٨٤).
(٢) انظر: "زاد المعاد" (٣/ ٣٧)، و"اجتماع الجيوش الإسلامية" (١١)، و"مجموع الفتاوى" (٣/ ٣٨٧) و (٩/ ٥٠٦)، و"منهاج السُّنَّة (١) ٢/ ٦٣٧) و (٥/ ٣٨٤ - ٣٨٧)، و"درء تعارض العقل والنقل" (٨/ ٤٢).
(٣) لكن جاء ذلك عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، فقد قال الحافظ: "وروى ابن مردويه في "تفسيره" عن ابن جُريج، عن عطاء، عن ابن عباس: "أنَّ النبيَّ - ﷺ - رأى ربَّه بعينه"؛ وإسناده صحيح". "الغنية في مسألة الرؤية" (٤٤).
وأخرجه القاضي أبو يعلى في "إبطال التأويلات" (١/ ١٣٦) بلفظ: "رأى محمدٌ - ﷺ - ربَّه -عزَّ وجلَّ- بعينيه مرتين". وعزاه -أيضًا- إلى الحافظ أبي حفص بن شاهين في "سننه" (١/ ١١٣).
وأخرج الطبراني في "الأوسط" رقم (٥٧٦١)، وفي "الكبير" (١٢/ ٩٠) رقم (١٢٥٦٤)؛ عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: "إنَّ محمدًا - ﷺ - رأى ربَّه مرَّتين: مرَّةً ببصره، ومرَّةً بفؤاده".
قال الهيثمي: "رواه الطبراني في "الأوسط"، ورجاله رجال الصحيح؛ خَلاَ: جمهور بن منصور الكوفي، ذكره ابن حِبَّان في "الثقات"". "مجمع الزوائد" =


الصفحة التالية
Icon