بالأجنَّةِ والحيوان طائفةً، ووكَّل بالموت طائفةً، وبِحِفْظِ بني آدم طائفةً، وبإحَصاء أعمالهم وكتابتها طائفةً (١)، وبالوحي طائفةً، وبالجبال طائفةً (٢)، وبكلِّ شأنٍ من شؤون العالم طائفةً.
هذا مع ما في خَلْقِ الملائكة من البهاء والحُسْن، وما فيهم من القوةِ والشدَّةِ، ولطافةِ الجسم، وحُسْن الخِلْقَة، وكمال الانقياد لأمره، والقيام في خدمته، وتنفيذ أوامره في أقطار العالَم.
ثُمَّ أقسَمَ -سبحانه- بهذه الأمور على صِدْقِ وَعْده، ووقوع جزائه بالثواب والعقاب فقال: ﴿إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ (٥)﴾ [الذاريات: ٥]؛ أي: ما توعدون من أمر الساعة والثواب والعقاب لَحَقٌّ كائنٌ، وهو وَعْدُ صدقٍ لا كذب، ﴿وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ (٦)﴾ [الذاريات: ٦] أي: إنَ الجزاء لَكَائنٌ لا محالة.
ويجوز أن تكون "ما" موصولةً، والعائد محذوف، والمعنى: إنَّ الذي توعدونه لَصَادِقٌ، أي: كائنٌ وثابتٌ.
وأن تكون مصدريَّةً، أي: إنَ وَعْدَكم لَحَقٌّ وصِدْقٌ (٣).
وَوَصفُ الوَعْدِ بكونه "صادقًا" أبلغ من وصْفِه بكونه "صِدْقًا"، ولا حاجة إلى تكلُّفِ (٤) جعله بمعنى: مصدوقًا فيه، بل هو صادِقٌ نفسُه (٥)؛
(٢) من قوله: "وبحفظ بني آدم... " إلى هنا؛ ساقط من (ز).
(٣) "وصدق" ملحق بهامش (ح).
(٤) في (ز) و (ن) و (ك) و (ط): متكلف، وما أثبته من (ح) و (م).
(٥) من (ح) و (م)، وسقط من باقي النسخ.