من عرفات بالاستغفار (١). وشَرَعَ - ﷺ - للمتوضِّئ أن يختم وضوءَهُ بالتوبة (٢). فأحسنُ ما خُتِمَتْ به الأعمالُ: التوبةُ والاستغفارُ.
ثُمَّ أخبر -سبحانه- عن إحسانهم إلى الخَلْق مع إخلاصهمِ لربِّهم، [ز/ ١٠٤] فَجَمَع لهم بين الإخلاص والإحسان، ضِدُّ حال ﴿الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (٦)﴾ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (٧)} [الماعون: ٦ - ٧].
وأكَّدَ إخلاصَهم في هذا الإحسان بأنَّ مَصْرِفَهُ ﴿لِلسَّائِلِ (٣) وَالْمَحْرُومِ (١٩)﴾، الذي لا يُقْصَدُ بعطائه الجزاءُ منه ولا الشكورُ. و"المحروم": المتعفِّفُ الذي لا يسأل.
وتأمَّلْ حكمة الرَّبِّ -تعالى- في كونه حَرَمَهُ بقضائه، وشَرَعَ لأصحاب الجدَةِ إعطاءَهُ، وهو -سبحانه- أغنى الأغنياء، وأجود الأجودين. فلَم يجمع عليه بين الحِرْمَان بالقَدَر وبالشرع، بل (٤) شرع عَطَاءَهُ بأمره، وحَرَمَهُ بِقَدَرِهِ، فلم يجمع عليه حِرْمَانَين.

فصل


ثُمَّ ذكَّرَهُم -سبحانه- بآياته الأفُقِيَّة والنَّفْسيَّة، فقال تعالى: ﴿وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (٢٠) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (٢١)﴾ [الذاريات: ٢٠ - ٢١].
(١) قال سبحانه: ﴿فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (١٩٨ {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٩٩)﴾ [البقرة: ١٩٨ - ١٩٩].
(٢) سبق تخريجه (ص/٣٣٤).
(٣) في (ز) و (ن) و (ك) و (ط): إلى السائل.
(٤) ساقط من (ح) و (م).


الصفحة التالية
Icon