فإن قيل: فما سبب الجُعُودَة والسُّبُوطَة (١)؟
قيل: أمَّا الجُعُودة فمن شِدَّة الحرارة، أو من التِوَاءِ المَسَامِّ، فالذي من شدَّة الحرارة فإنَّه تعرض منه الجُعُودة كما تعرض "للشَّعْر" عند عرضه علىِ النَّار. وأمَّا الذي لالتِوَاءِ المَسَامِّ فَلأنَّ البُخَار لِضَعْفه (٢) لا يقدر أنْ ينفُذ على الاستقامة فَيَلْتَوِي في المنافذ، فتحدث الجُعُودَة.
فإن قيل: فما السبب في طول شَعْر الميت وأظفاره بعد موته إذا بَقِي مدَّةً؟
قيل: عنه جوابان:
أحدهما: أنَّها لا تطول، ولكن لمَّا قُبِضَ (٣) ما حولها يُظَنُّ أنَّها طالت (٤) وزادت.
الثاني -وهو أصوب -: أنَّ ذلك الطُول من الفضلات البُخَاريَّةِ التي تتحلَّل وَهْلَةً من جنس (٥) جسد الميت، فيمتدُّ معها "الشَّعْر" و"الظُّفُر".
فإن قيل: فَلِمَ كان المريضُ -وخاصَّةً المَحْمُوم- ينقص لحمه، ويزيد شَعْره وظفره؟

(١) "الجُعُودَة" مصدر جَعُد الشَّعْر، إذا كان فيه التواءٌ وتقبُّض. و"السُّبُوطَة" في الشَّعْر: سهولته واسترساله. "المصباح المنير" (١٤٥) و (٣٥٩).
(٢) في (ح) و (م): يضعفه.
(٣) في (ح) و (م): ينقص.
(٤) ساقط من (ح) و (م).
(٥) من (ح) و (م) وألحقت بهامش (ك)، وسقطت من باقي النسخ، وسقط "جسد" من (ح) و (م).


الصفحة التالية
Icon