وإخراجُك من هذا البلد الأمين؛ الذي يأْمَنُ فيه الطير والوحش والجاني، وقد استَحَلَّ قومُكَ فيه حُرْمتكَ، وهم لا يَعْضدُون به شجرةً، ولا يُنفِّرون به صيدًا. وهذا مروي عن شرحبيل بن سعد (١).
وعلى كلِّ حالٍ فهي جملة اعتراضٍ في أثناء القَسَم، موقعها من أحسن موقعٍ وأَلْطَفه.
فهذا القَسَمُ متضمِّنٌ لتعظيم بيته ورسوله.
ثُمَّ أنكر -سبحانه- على الإنسان ظنَّه وحُسْبَانه أن لن يقدر عليه أحدٌ من خلقه في هذا الكَبَدِ والشدَّةِ والقوَّةِ التي يكابد بها الأمور، فإنَّ الذي خلقه كذلك (٢) أَوْلَى بالقدرة منه وأحقُّ، وكيف يُقْدِرُ غيرَهُ من لم يكن قادرًا في نفسه؟! فهذا برهانٌ مستقِل بنفسه، مع أنَّه متضمِّنٌ للجزاء

= (١٣٥٣).
وانظر -أيضًا-: "الكشاف" (٤/ ٧٥٧)، و"معالم التنزيل" (٨/ ٤٢٩)، و"زاد المسير" (٨/ ٢٥٠ - ٢٥١)، و"الجامع" للقرطبي (٢٠/ ٦٠).
(١) أخرجه: سعيد بن منصور، وابن المنذر، كما قال السيوطي في "الدر المنثور" (٦/ ٥٩٣).
وعَزَا السمعاني هذا القول في "تفسيره" (٦/ ٢٢٥) إلى: القفَّال!
وانظر: "المحرر الوجيز" (١٥/ ٤٥٤)، و"معالم التنزيل" (٨/ ٤٢٩)، و"الجامع" (٢٠/ ٦١).
وشرَحْبيل بن سعد هو: أبو سعد الخَطْمِي المدني، مولى الأنصار، تابعي أخباري، لم يكن أحدٌ أعلم بالمغازي والبَدْريين منه، لكنه ضعيف الحديث على قلةٍ في الرواية، توفي سنة (١٢٣ هـ) رحمه الله.
انظر: "تهذيب الكمال" (١٢/ ٤١٣)، و"إكمال التهذيب" لمغلطاي (٦/ ٢٢٧).
(٢) في (ز) و (ن): لذلك.


الصفحة التالية
Icon