النُّور (١) الباصر بهذا الجزء الأسود؟
وجعل -سبحانه- "الحَدَقَةَ" مَصُونةً بـ "الأجفان"؛ لتسترها، وتحفظها، وتَصْقُلَها، وتدفع الأقذاءَ عنها.
وجعل شعر "الأجفان" أسود؛ ليكونَ سواده سببًا لاجتماع النُّورِ الذي به الابصار، ويكونَ مانعًا من تفرُّقِهِ، ويكونَ أبلغَ في الحُسْنِ والجمال.
وخلق -سبحانه- لتحريك "الحَدَقَةِ" أربعًا وعشرين عَضَلةً، لو نقصت واحدةٌ منهُن لاختلَّ أمر "العين".
ولمَّا كانت "العينُ" شبيهةً بالمِرآة التي إنَّما يُنتفعِ بها إذا كانت في غاية الصَّقَالَةِ والصَّفَاءِ؛ جعل -سبحانه- "الأجفان" متحرِّكَةً إلى الانطباق (٢) والانفتاح (٣) أبدًا، باختيار الإنسان [ح/ ١٥٢] وغير اختياره، لتبقى "الحَدَقَةُ" نقيَّةً صافيةً عن جميع الكُدُورات.
وجعل "العَينيَن" بمنزلة المِرآتين الصَّقيلتين اللَّتين تنطبع فيهما صور الأشياء الخارجيَّة، فيتأثر "القلب" بذلك، ثُمَّ يظهر ما فيه عليهما فتتأثران به. فهما مرآةٌ لما في "القلب" يظهر فيهما، ومرآةٌ لما في الخارج تنطبع صورته فيهما، فـ "العينان" على "القلب" كالزجاجتين الموضوعتين.
ولذلك يُستَدلُّ باحوال "العين" على أحوال "القلب" من رضاه،
(٢) في (ح) و (م): الاطباق.
(٣) ساقط من (ح) و (م).