الاستعمالين حقيقةٌ في محلِّه. وكثيرًا ما تَستعملُ العربُ الإرداةَ في مشارفَةِ الأمرِ، أي قرب وقوعهِ كقربِ الجدارِ من الانقضاض سُمِّيَ إرادة.
وكقول الرَّاعي:

في مَهْمَهٍ قلقت بها هاماتها قلق الفؤوس إذا أردْنَ نضولًا
يعني بقولهِ: "أردن": تحركنَ مشرفاتٍ على النّضولِ وهو السقوط. وكقول الآخرِ:
يُريدُ الرُّمْحُ صدْرَ أبي براء ويَعْدل عن دماءِ بني عقيل
فقوله: "يريد الرُّمْحُ صدرَ أبي براءٍ"، أي: يميل إليه، وأمثالُ هذا كثيرةٌ في اللُّغة العربية، والجواب عن قوله: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ﴾ من وجهينِ أيضًا:
الأول: أَنَّ إطلاق القريةِ وإرادة أهلها من أساليبَ اللغة العربية أيضًا كما قدَّمنا.
الثاني: أنَّ المضافَ المحذوفَ كأنَّه مذكورٌ لأنه مدلولٌ عليه بالاقتضاء، وتغييرُ الإعراب عند الحذفِ من أساليب اللُّغةِ أيضًا كما عقده في "الخلاصة" بقوله:
وما يلي المضافَ يأتي خلفًا عنه في الإعراب إذَا ما حُذِفَا
مع أنَّ كثيرًا مِن علماء الأصول يُسمُّونَ الدّلالةَ على المحذوفِ في نحو قوله: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ﴾ [سورة يوسف: ٨٢] دلالة الاقتضاء.
واخْتلفُوا هل هي من المنطوقِ غير الصريح، أو من المفهوم.
كما أشار له في "مراقي السعود" بقوله:


الصفحة التالية
Icon