وفي كلامِ الوحي والمنطوق هَلْ ما ليسَ بالصَّريحِ فيه قَد دَخَل
وهو دلالةُ اقتَضاءٍ إنْ يدل لفظ على ما دونه لا يستقل
دلالة اللزوم... إلخ.
والجمهور على أنها من المفهومِ لأنَّها دلالةُ التزام، وعامَّة البيانيين وأكثر الأصوليين على أنَّ دلالةَ الالتزام غير وضعية، وإنَّما هي عقلية، ودلالةُ المجاز على معناه مطابقة وهي وضعيةٌ بلا خلافٍ، فظهَرَ أنَّ مثلَ: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ﴾ [سورة يوسف: ٨٢] مِنَ المدلول عليه بالاقتضاء، وأنَّه ليسَ من المجازِ عند جمهور الأصوليين القائلينَ بالمجاز في القرآنِ، وأَحْرَى غيرهم، مع أنَّ حدَّ المجاز لا يشملُ مثلَ: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ﴾؛ لأنَّ القريةَ فيه -عند القائلِ بأنَّه من مجازِ النَّقْصِ- مُسْتعملةٌ في معناها الحقيقيِّ، وإنما جَاءَها المجاز عندهم من قِبَلِ النَّقصِ المؤدِّي لتغيير الإعراب، وقد قَدَّمْنَا أن المحذوف مقتضى، وأنَّ إعراب المضافِ إليه إعراب المَضافِ إذا حُذف من أساليب اللغة العربية.
والجوابُ عن قوله: ﴿لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ﴾ [سورة الشورى: ١١] أنَّه لا مجاز زيادة فيه؛ لأنَّ العربَ تطلق المثلَ وتريدُ به الذات، فهو أيضًا أسلوبٌ مِنْ أساليب اللغةِ العربِية.
وهو حقيقة في محَلِّهِ كقول العرب: مِثْلُكَ لا يفعل هذا. يعنونَ: لا ينبغي لك أَنْ تَفْعلَ هذَا، ودليلُ هذا وجوده في القرآنِ كقوله تعالى: ﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ﴾ [سورة الأحقاف: ١٠]، أي: شَهِدَ على القرآنِ أنَّه حق.


الصفحة التالية
Icon