وإلا حصل الخلف في قوله: ﴿وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ﴾.
والثاني: باطل لأن قوله: ﴿فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ﴾ (١) يدل على أن ذلك الابن لما قدر على السعي ووصل إلى حد القدرة على الفعل أمر الله تعالى إبراهيم بذبحه، وذلك ينافي وقوع هذه القصة في زمان آخر، فثبت أنه لا يجوز أن يكون الذبيح هو إسحق.
الحجة الخامسة: حكى الله تعالى عنه أنه قال: ﴿إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ (٢) ثم طلب من الله تعالى ولداً يستأنس به في غربته فقال: ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ (٣) وهذا السؤال إنما يحسن قبل أن يحصل له الولد، لأنه لو حصل له ولد واحد لما طلب الولد الواحد، لأن طلب الحاصل محال، وقوله: ﴿هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ لا يفيد إلا طلب الولد الواحد، وكلمة من للتبعيض وأقل درجات البعضية الواحد فكأن قوله: ﴿مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ لا يفيد إلا طلب الولد الواحد فثبت أن هذا السؤال لا يحسن إلا عند عدم كل الأولاد، فثبت أن هذا السؤال وقع حال طلب الولد الأول، وأجمع الناس على أن إسماعيل متقدم في الوجود على إسحق، فثبت أن المطلوب
_________
(١) سورة الصافات، الآية (١٠٢).
(٢) سورة الصافات، الآية (٩٩).
(٣) سورة الصافات، الآية (١٠٢).


الصفحة التالية
Icon