مثل: إن الله حكم بأن عدة المرأة المتوفى عنها زوجها حول كامل وذلك بخطاب شرعي وهو قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ (١) بعد ذلك بزمن يرفع هذا الحكم بخطاب متأخر عنه بقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ (٢) فالرفع هو: إزالة ذلك الحكم على وجه لولا هذا الحكم لبقي مستمرا وثابتا يعمل به؛ فالنسخ إذن: قطع لدوام الحكم فجأة لا بيان مدة انتهاء مدته.
وذكر ابن عاشور التعريف اللغوي للنسخ فقال: إنه يطلق على معنيين:
الأول: إزالة الشيء بشيء آخر كقولهم: نسخت الشمس الظل.
الثاني: الإزالة فقط دون تعويض كقولهم: نسخت الريح الأثر، وعلى الإثبات لكن على إثبات خاص وهو إثبات المزيل.
وذكر ابن عاشور أن الراغب الأصفهاني اقتصر على المعنى الأول أي إزالة صورة وإثبات غيرها عوضها (٣).
_________
(١) سورة البقرة، الآية (٢٤٠).
(٢) سورة البقرة، الآية (٢٣٤).
(٣) انظر التحرير والتنوير، ج ١، ص ٦٥٦.
ومسألة جواز النسخ بلا بدل وقع فيها خلاف بين العلماء، حيث قال جماعة لا يجوز النسخ بلا بدل، ومنهم الشافعي، والجمهور على خلافه، والراجح ما ذهب إليه جمهور العلماء من جواز النسخ في الأحكام الشرعية ببدل وبغير بدل. انظر فتح المنان في نسخ القرآن / علي حسن العريض، ص ١٧.