فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} ٥ فذلك النفقة في التطوع. والزكاة سوى ذلك (١).
وجاء في رواية أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - ﷺ -: " أمر بصدقة، فجاء رجل فقال: عندي دينار قال: أنفقه على نفسك قال: عندي آخر قال: أنفقه على زوجتك. قال: عندي آخر. قال: أنفقه على ولدك قال: عندي آخر قال: أنفقه على خادمك قال: عندي آخر قال: أنت أبصر " (٢).
قال ابن عاشور: " والآية دالة على الأمر بالإنفاق على هؤلاء والترغيب فيه، وهي في النفقة التي ليست من حق المال أعني الزكاة، ولا هي من حق الذات من حيث إنها ذات كالزوجة، بل هذه النفقة التي هي من حق المسلمين بعضهم على بعض لكفاية الحاجة وللتوسعة وأولى المسلمين بأن يقوم بها أشدهم قرابة بالمعوزين منهم، فمنها واجبة كنفقة الأبوين الفقيرين والأولاد الصغار الذين لا مال لهم إلى أن يقدروا على التكسب أو ينتقل حق الإنفاق إلى غير الأبوين " (٣).
القول الراجح:
الراجح أن الآية محكمة، قال ابن الجوزي: " والتحقيق أن الآية عامة في الفرض والتطوع فحكمها ثابت غير منسوخ لأن ما يجب من النفقة على الوالدين والأقربين إذا كانوا فقراء لم ينسخ بالزكاة، وما يتطوع به لم ينسخ
_________
(١) أخرجه الطبري في تفسيره، ج ٢، ص ٤١٤.
(٢) أخرجه النسائي في السنن الكبرى، كتاب عشرة النساء، باب إيجاب نفقة المرأة وكسوتها، ج ٥، ص ٣٧٥، ح- ٩١٨١، والبيهقي في الكبرى، كتاب النكاح، باب وجوب النفقة على الزوجة، ج ٧، ص ٤٦٦، ح- ١٥٤٦٩.
(٣) التحرير والتنوير، ج ٢، ص ٣١٨.


الصفحة التالية
Icon