وَجَدْتُمُوهُمْ} (١). وقال آخرون بل الآية محكمة وليست منسوخة، وكذا آية القتل محكمة، أي: للإمام المن أو الفداء أو القتل أو الاسترقاق، على ما يراه هو الأصلح، ومنهم من ذهب إلى أنها ثابتة الحكم وأن مخير في من أسره (٢).
وقد ساق ابن عاشور هذا الخلاف في تفسيره فقال: " اختلف العلماء في حكم هذه الآية في القتل والمن والفداء والذي ذهب إليه مالك والشافعي والثوري والأوزاعي وهو أحدُ قولين عن أبي حنيفة رواه الطحاوي، ومِن السلف عبدُ الله بن عمر، وعطاءُ، وسعيدُ بن جبير: أن هذه الآية غير منسوخة، وأنها تقتضي التخيير في أسرى المشركين بين القتل أو المن أو الفداء، وأمير الجيش مخيّر في ذلك.
وذهب فريق من أهل العلم إلى أن هذه الآية منسوخة، وأنه لا يجوز في الأسير المشرك إلا القتل بقوله تعالى: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ وهذا قول مجاهد وقتادة والضحاك والسدّي وابن جريج، ورواه العَوفي عن ابن عباس وهو المشهور عن أبي حنيفة، وقال أبو يوسف ومحمد من أصحاب أبي حنيفة: لا بأس أن يُفادى أسرى المشركين الذين لم يسلموا بأسرى المسلمين الذين بيد المشركين. وروى الجصّاص أن النبي - ﷺ - فدى أسيرين من المسلمين بأسير من المشركين في ثقيف ".
ورجّح ابن عاشور أن الآية محكمة فقال: "وهذا أولى من جعلها ناسخة
_________
(١) سورة التوبة، الآية (٥).
(٢) انظر النسخ في القرآن الكريم / مصطفى زيد، ج ٢، ص ٨٥ - ٨٦.


الصفحة التالية
Icon