يقتله، فقال ابن عمر: ليس بهذا أُمرنا، قال الله عزّ وجلّ: ﴿حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً﴾.
وروي عن معمر، عن الحسن، أنه قال: لا تقتل الأسارى إلا في الحرب يهيب بهم العدوّ، وعن معمر، قال: كان عمر بن عبد العزيز يفديهم الرجل بالرجل، وكان الحسن يكره أن يفادى بالمال.
وروي عن معمر أيضاً، عن رجل من أهل الشأم ممن كان يحرس عمر بن عبد العزيز، وهو من بني أسد، قال: ما رأيت عمر قتل أسيرا إلا واحدا من الترك كان جيء بأسارى من الترك، فأمر بهم أن يُسترقوا، فقال رجل ممن جاء بهم: يا أمير المومنين، لو كنت رأيت هذا لأحدهم وهو يقتل المسلمين لكثر بكاؤك عليهم، فقال عمر: فدونك فاقتله، فقام إليه فقتله (١).
ومن ذلك المثال يتبين أن مخير بعد أسر الأسير بين القتل والمن أو الفداء وينظر ما وراءه مصلحة.
وفي ذلك يقول الطبري: " وغير مستنكر أن يكون جعل الخيار في المنّ والفداء والقتل إلى الرسول - ﷺ -، وإلى القائمين بعده بأمر الأمة، وإن لم يكن القتل مذكورا في هذه الآية، لأنه قد أذن بقتلهم في آية أخرى، وذلك قوله: :

﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ الآية، بل ذلك كذلك، لأن رسول الله - ﷺ - كذلك كان يفعل فيمن صار أسيرا في يده من أهل الحرب،
_________
(١) أخرج تلك الروايات الطبري في تفسيره، ج ٢٦، ص ٥١.


الصفحة التالية
Icon