فيقتل بعضا، ويفادي ببعض، ويمنّ على بعض، مثل يوم بدر قتل عقبة بن أبي مُعَيْطٍ وقد أتي به أسيرا، وقتل بني قُرَيظة، وقد نزلوا على حكم سعد، وصاروا في يده سلما، وهو على فدائهم، والمنّ عليهم قادر، وفادى بجماعة أسارى المشركين الذين أُسروا ببدر، ومنّ على ثمامة بن أثال الحنفيّ، وهو أسير في يده، ولم يزل ذلك ثابتا من سيره في أهل الحرب من لدن أذن الله له بحربهم، إلى أن قبضه إليه - ﷺ - دائما ذلك فيهم، وإنما ذكر جلّ ثناؤه في هذه الآية المنّ والفداء في الأسارى، فخصّ ذكرهما فيها، لأن الأمر بقتلهما والإذن منه بذلك قد كان تقدم في سائر آي تنزيله مكرّرا، فأعلم نبيه - ﷺ - بما ذكر في هذه الآية من المنّ والفداء ما له فيهم مع القتل " (١).
القول الراجح:
إن الآيات محكمة وليست منسوخة، وذلك أنه لا دليل على أن الآية منسوخة بآية السيف، وقد قررّ ابن عاشور هذا فيما تقدم وهذا القول ترجحه القاعدة.
والآية ترسم للمؤمنين منهج الحرب، كيف تكون، وكيف تبدأ وكيف تنتهي، وقد ذكر ابن عاشور ما يدل على أنه ليس هناك مجال للنسخ في هذه الآية، وإنما هي مسألة تنظيمية في كيفية القتال عند المواجهة في الحرب والشد عليهم حتى إذا انتهت الحرب ووقعوا في أيديهم فلهم الخيار (٢).
_________
(١) جامع البيان / الطبري، ج ٢٦، ص ٥١.
(٢) انظر التحرير والتنوير، ج ١٢، ص ٨١.


الصفحة التالية
Icon