حجة أصحاب القول الأول الذين يقولون أن المراد (ما أدري ما يفعل بي ولا بكم في الدنيا):
قال الطبري: " وإنما قلنا ذلك أولاها بالصواب؛ لأن الخطاب من مبتدأ هذه السورة إلى هذه الآية، والخبر خرج من الله عزّ وجلّ خطابا للمشركين وخبرا عنهم، وتوبيخا لهم، واحتجاجا من الله تعالى ذكره لنبيه - ﷺ - عليهم، فإذا كان ذلك كذلك، فمعلوم أن هذه الآية أيضًا سبيلها سبيل ما قبلها وما بعدها في أنها احتجاج عليهم، وتوبيخ لهم، أو خبر عنهم. وإذا كان ذلك كذلك، فمحال أن يقال للنبي - ﷺ -: قل للمشركين ما أدري ما يفعل بي ولا بكم في الآخرة، وآيات كتاب الله عزّ وجلّ في تنزيله ووحيه إليه متتابعة بأن المشركين في النار مخلدون، والمؤمنون به في الجنان منعمون، وبذلك يرهبهم مرّة، ويرغبهم أخرى، ولو قال لهم ذلك، لقالوا له: فعلام نتبعك إذن وأنت لا تدري إلى أيّ حال تصير غدا في القيامة، إلى خفض ودعة، أم إلى شدّة وعذاب " (١).
قال الحسن البصري: أما في الآخرة فمعاذ الله، قد علم أنه في الجنة (٢)، ورجح الطبري قول الحسن بقوله: " وأولى الأقوال في ذلك بالصحة وأشبهها بما دلّ عليه التنزيل، القول الذي قاله الحسن البصري " (٣).
_________
(١) جامع البيان / الطبري، ج ٢٦، ص ١٣.
(٢) أخرج روايته الطبري في تفسيره، ج ٢٥، ص ١٢.
(٣) جامع البيان / الطبري، ج ٢٥، ص ١٢.


الصفحة التالية
Icon