ومنهم من تأول الإنسان في هذه الآية بالكافر، وأما المؤمن فله سعيه وما يسعى له غيره (١).
والعجيب أن ابن عاشور رجّح أن الآية منسوخة مع أنه نصّ على هذه القاعدة في تفسيره، وهي أن الأخبار لا يدخلها النسخ، ولكنه يرى هنا أن هذا الخبر في شرع من قبلنا، وأن شريعة الإسلام نسخت ذلك فيقول: " وهذه الآية حكاية عن شرعي إبراهيم وموسى، وإذا تقرر أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد ناسخ، تدل هذه الآية على أن عمل أحد لا يجزئ عن أحد فرضاً أو نفلاً... - إلى أن ساق قول عكرمة في محمل هذه الآية فقال: فعن عكرمة أن قوله تعالى: ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى﴾ حكاية عن شريعة سابقة فلا تلزم في شريعتنا، يريد أن شريعة الإسلام نسخت ذلك فيكون قبول عمل أحد عن غيره من خصائص هذه الأمة " (٢).
أما الطبري فقد ساق رواية ابن عباس بسنده في أن هذه الآية منسوخة، ولم يعقب عليها فكأنه قبلها مع أن هذه الرواية منقطعة كما سيأتي (٣).
في حين ذهب جمهور المفسرين الذين اعتمدتهم: ابن عطية والرازي، والقرطبي، وأبو حيان، وابن كثير، والشوكاني، والألوسي، والقاسمي، إلى أن الآية محكمة، وأنها من باب الأخبار، أو أنها منى باب العام الذي خصصته آيات
_________
(١) انظر الناسخ والمنسوخ / النحاس، ج ١، ص ٦٨٩، والتحرير والتنوير، ج ١٣، ص ١٣٣.
(٢) التحرير والتنوير، ج ١٣، ص ١٣٣.
(٣) انظر جامع البيان / الطبري، ج ٢٧، ص ٨٧.


الصفحة التالية
Icon