مع انه أقوى من المضمر المجرور بسبب أنه قد ينفصل، فلأن لا يجوز عطف المظهر على المضمر المجرور مع أنه ألبتة لا ينفصل كان أولى.
وثالثها: قال أبو عثمان المازني: المعطوف والمعطوف عليه متشاركان، وإنما يجوز عطف الأول على الثاني لو جاز عطف الثاني على الأول، وههنا هذا المعنى غير حاصل، وذلك لأنك لا تقول: مررت بزيدوك، فكذلك لا تقول: مررت بك وزيد ".
ثم علّق الرازي على هذه الأوجه بقوله: " واعلم أن هذه الوجوه ليست وجوها قوية في دفع الروايات الواردة في اللغات، وذلك لأن حمزة أحد القراء السبعة، والظاهر أنه لم يأت بهذه القراءة من عند نفسه، بل رواها عن رسول الله - ﷺ -، وذلك يوجب القطع بصحة هذه اللغة، والقياس يتضاءل عند السماع لا سيما بمثل هذه الأقيسة التي هي أوهن من بيت العنكبوت " (١).
القول الراجح:
هو صحة ما ذهب إليه ابن عاشور ومن سبقه من المفسرين من وجوب الأخذ بكلا القراءتين، وذلك أن كل قراءة منهما قراءة متواترة عن النبي - ﷺ - (٢).
أما من ردَّ قراءة الجر فقد اعترض عليه عدد من العلماء منهم القرطبي، ومن قوله:
_________
(١) التفسير الكبير / الرازي، ج ٣، ص ٤٨٠.
(٢) انظر السبعة لابن مجاهد، ص ٢٢٦، والتيسير للداني، ص ٩٣، والنشر / ابن الجزري، ج ٢، ص ١٨٦، وغيث النفع في القراءات السبع / الصفاقسي، ص ٨٠، والبدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة، / عبد الفتاح القاضي، ص ٧٣.