القراءة: أنّ مزيِّنا زَيَّن لكثير من المشركين أن يَقْتُلَ شركاؤُهم أولادَهم، فإسناد القتل إلى الشّركاء على طريقة المجاز العقلي إمّا لأنّ الشّركاء سبب القتل إذا كان القتل قُرباناً للأصنام، وإمَّا لأنّ الّذين شرعوا لهم القتل هم القائمون بديانة الشّرك مثل عمرو بن لُحي ومن بعده، وإذا كان المراد بالقتل الوأْدَ، فالشركاء سببَ وإن كان الوأد قُرباناً للأصنام وإن لم يكن قرباناً لهم (وهو المعروف) فالشركاء سبب السبب، لأنه من شرائع الشرك " (١).
ومما يؤكد استحضار ابن عاشور لهذه القاعدة أنه بعد أن أشار إلى من ضعّف هذه القراءة ردّ عليه فقال: " وهذه القراءة ليس فيها ما يناكد فصاحة الكلام؛ لأنّ الإعراب يُبيِّن معاني الكلمات ومواقعها، وإعرابها مختلف من رفع ونصب وجرّ بحيث لا لبس فيه، وكلماتها ظاهرٌ إعرابها عليها، فلا يعدّ ترتيب كلماتها على هذا الوصف من التّعقيد المخلّ بالفصاحة.... وليس في الآية ممّا يخالف متعارف الاستعمال إلاّ الفصل بين المضاف والمضاف إليه بالمفعول، والخَطْبُ فيه سهل: لأنّ المفعول ليس أجنبياً عن المضاف والمضاف إليه، وجاء الزمخشري في ذلك بالتّهويل، والضّجيج والعويل، كيف يفصَل بين المضاف والمضاف إليه بالمفعول.
وقال أيضاً بعد أن ذكر رأي ابن عطية في هذه القراءة وتضعيفه لها: " وهذا لا يثبت ضعف القراءة لأن الندور لا ينافي الفصاحة " (٢).
_________
(١) التحرير والتنوير، ج ٥، ص ١٠٢.
(٢) انظر التحرير والتنوير، ج ٥، ص ١٠٣.