كما استغرب ابن عاشور استبعاد الطبري لهذه القراءة فقال: " ومن العجيب قول الطّبري: " والقراءَة الّتي لا أستجيز غيرها بفتح الزاي ونصب: (القتل) وخفض: (أولادهم) ورفع: (شركائهم).
وذلك على عادته في نصب نفسه حكماً في التّرجيح بين القراءات " (١) (٢).
_________
(١) التحرير والتنوير، ج ٥، ص ١٠٣.
(٢) للدكتور مساعد الطيار كلام جميل حول تضعيف الطبري لبعض القراءات وأن ابن جرير لا يرد قراءة متواترة حيث يقول: "واليوم ظهر لي أن ابن جرير الطبري لم يكن عنده سند بقراءة حفص عن عاصم، قرأت في تفسير الطبري ط: دار هجر (٢٣: ٢١٦) عند قوله تعالى " نزاعة للشوى" ما نصُّه: "... والصواب من القول في ذلك عندنا أن لظى الخبر ونزاعة ابتداء فذلك رفع ولا يجوز النصب في القراءة لإجماع قراء الأمصار على رفعها ولا قارئ قرأ كذلك بالنصب وإن كان للنصب في العربية وجه) يقول: فاستغربت قولَه هذا؛ لأنَّ قراءة حفص بنصب (نزاعةً)، والطبري يقول =
=: " ولا قارئ قرأ كذلك بالنصب، وإن كان للنصب في العربية وجه "، وعلقت عليه بأن كلامه يشير إلى أنه لم يكن عنده سندٌ بقراءة حفص عن عاصم، وأثناء بحثي في هذه المفردات وعرضها على تفسير الطبري اتصل بي أحد الباحثين بقسم الدراسات القرآنية بكلية المعلمين بالرياض، فعرضت عليه ما توصلت له، فطرب له واستحسنه، وذكر لي فائدة نفيسة تتعلق بطريقي عاصم، وهو أن طريق شعبة هو المقدم عند المتقدمين، ولعل هذا يشير إلى عدم ورود سند حفص عند الطبري، وهذه الفائدة نصٌّ لابن مجاهد في كتاب السبعة (ص: ٧١)، قال فيه: وإلى قراءة عاصم صار بعض أهل الكوفة وليست بالغالبة عليهم؛ لأن أضبط من أخذ عن عاصم أبو بكر بن عياش ـ فيما يقال ـ لأنه تعلمها منه تعلما خمسا خمسا.
وكان أهل الكوفة لا يأتمون في قراءة عاصم بأحد ممن يثبتونه في القراءة عليه إلا بأبي بكر بن عياش، وكان أبو بكر لا يكاد يُمَكِّن من نفسه من أرادها منه، فقلَّتْ بالكوفة من أجل ذلك، وعَزَّ من يحسنها، وصار الغالب على أهل الكوفة إلى اليوم قراءة حمزة بن حبيب الزيات.
وإذا تأملت هذا النصَّ ظهر لك أن قراءة حفص عن عاصم في وقت الطبري (ت: ٣١٠) الذي كان في طبقة شيوخ ابن مجاهد (ت: ٣٢٤) لم يكن لها قبول كغيرها.
انظر على الشبكة العنكبوتية: موقع سليمان بن مساعد الطيار، الأستاذ المساعد بكلية المعلمين
بالرياض/ جامعة الملك سعود.