وقد فصّل في ذلك ابن عاشور فقال: "قرأ الجمهور (بِمُصرِخيَّ) بفتح التحتية مشددةً. وأصله بمصرخِييَ بياءين أولاهما ياء جمع المذكر المجرور، وثانيتهما ياء المتكلم، وحقها السكون فلما التقت الياءان ساكنتين وقع التخلص من التقاء الساكنين بالفتحة لخفة الفتحة.
وقرأ حمزة وخلَف «بِمُصرِخيِّ» بكسر الياء تخلصاً من التقاء الساكنين بالكسرة؛ لأن الكسر هو أصل التخلص من التقاء الساكنين. قال الفراء: تحريك الياء بالكسر لأنه الأصل في التخلص من التقاء الساكنين، إلا أن كسر ياء المتكلم في مثله نادر.
وأنشد في تنظير هذا التخلص بالكسر قول الأغلب العِجْلي (١):
قال لها هل لكِ ياتَا فيَّ... قالت له: ما أنتَ بالمرضيِّ (٢).
أراد هل لكِ فيّ يا هذه " (٣).
وقال أبو علي الفارسي: " زعم قطرب أنها لغة بني يربوع، وعن أبي عمرو بن العلاء أنه أجاز الكسر، واتفق الجميع على أن التخلص بالفتحة في مثله
_________
(١) هو الأغلب بن عمرو بن عبيدة بن حارثة، من بني عجل بن لجيم، من ربيعة: شاعر راجز معمر. أدرك الجاهلية والإسلام، وتوجه مع سعد بن أبي وقاص غازيا فنزل الكوفة، واستشهد في واقعة نهاوند، وهو أول من أطال الرجز، وهو آخر من عمر في الجاهلية عمرا طويلا. انظر (خزانة الأدب / البغدادي، ج ١، ص ٣٣٣، والأعلام / الزركلي، ج ١، ص ٣٣٥).
(٢) الشاهد للأغلب العجلي ذكر ذلك ابن عاشور، يخاطب امرأة فيما إذا كانت ترغب فيه فردت عليه بقولها على لسانه: قالت له ما أنت بالمرضي. انظر (خزانة الأدب، ج ٢، ص ٩٧).
(٣) التحرير والتنوير، ج ٧، ص ٢٢٠ - ٢٢١.