بأحداث القصة، والأنسب للسياق؛ بدلالة قوله تعالى: ﴿إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا﴾ من شدة الخوف على ولدها، فلم يبق لها أي تفكير سوى تفكيرها بسلامة ولدها.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال في معناها: " كادت أن تقول وابناه " (١).
أما ما ذهب إليه ابن عاشور محتجا على ذلك بالسياق، فالذي يبدو لي والله أعلم أن الصواب خلاف ما اختاره، بل لا أرى السياق إلا ضده، ودليلٌ على حزن أم موسى لأن الله تعالى يقول: ﴿لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا﴾.
وقد ردّ هذا القول عدد من العلماء منهم: ابن قتيبة، والنحاس، والرازي، وأبو حيان.
قال ابن قتيبة: " وهذا من العجائب كيف يكون فؤادها فارغاً من الحزن، والله تعالى يقول: ﴿لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا﴾ وهل يربط إلا على قلب الجازع المحزون؟ والعرب تقول للخائف والجبان: " فؤاده هواء" (٢).
وقال النحاس: " قول أبي عبيدة "فارغاً من الغم": غلط قبيح؛ لأن بعده: ﴿إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا﴾... " (٣).
_________
(١) أخرجه ابن أبي حاتم، ج ٧، ص ١٨٤.
(٢) تفسير غريب القرآن / ابن قتيبة، ص ٢٨١.
(٣) معاني القرآن / النحاس، ج ٥، ص ١٦١.