اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ}، وما بينهما اعتراض بين المفسَّر والمفسِّر، وفي جعل الشكر لهما مقترناً بالشكر لله دلالة على أن حقهما من أعظم الحقوق على الولد، وأكبرها وأشدّها وجوباً" (١).
أما ما ذهب إليه ابن عاشور من أن الآية من كلام لقمان مستدلاً على ذلك بالسياق فإنه تعارضه قاعدة أقوى منه وهي:
(إذا صحَّ سبب النزول الصريح فهو مرجح لما وافقه)، ورواية مسلم نص على أن الآية نزلت في سعد بن أبي وقاص وأمه.
وقول ابن عاشور: إن نظير هذه الآية في سورة العنكبوت نزل في ذلك غير صحيح؛ لأن رواية مسلم المذكورة نص على أن فيها قوله: ﴿وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ (٢) وذلك في سورة لقمان لا العنكبوت، كما أخرج أحمد هذا الحديث بنفس إسناد مسلم (٣)، وفيه فأنزلت: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ﴾ (٤) وقرأ حتى بلغ: ﴿بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ وذلك قطعاً في سورة لقمان.
_________
(١) فتح القدير / الشوكاني، ج ٤، ص ٢٣٨.
(٢) سورة لقمان، الآية (١٥).
(٣) أخرجه أحمد في مسنده، ج ١، ص ١٨٥، ح- ١٦١٤.
(٤) سورة لقمان، الآية (١٤).