الغبار الكثير، ويظلم الهواء. وذلك يشبه الدخان. ولهذا يقال لسنة المجاعة الغبراء.
ثانيهما: أن العرب يسمون الشر الغالب بالدخان. فيقولون: (كان بيننا أمر ارتفع له دخان). والسبب فيه أن الإنسان إذا اشتد خوفه أو ضعفه، أظلمت عيناه، فيرى الدنيا كالمملوءة من الدخان " (١).
وقال الشوكاني: " والراجح منها: أنه الدخان الذي كانوا يتخيلونه مما نزل بهم من الجهد، وشدّة الجوع، ولا ينافي ترجيح هذا ما ورد أن الدخان من آيات الساعة، فإن ذلك دخان آخر، ولا ينافيه أيضاً ما قيل: إنه الذي كان يوم فتح مكة، فإنه دخان آخر على تقدير صحة وقوعه " (٢).
حجة أصحاب القول الثالث، وهم القائلون بأنه دخان يهيج بالناس يوم القيامة:
حجتهم في ذلك ما جاء في صحيح مسلم عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال: اطلع النبي - ﷺ - علينا ونحن نتذاكر فقال: (ما تذكرون)؟ قالوا: نذكر الساعة، قال: (إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات - فذكر - الدخان والدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها ونزول عيسى بن مريم، وخروج يأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم) (٣).
_________
(١) تفسير غريب القرآن / ابن قتيبة، ص ٣٤٦،
(٢) فتح القدير / الشوكاني، ج ٤، ص ٥٧١.
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب في الآيات التي تكون قبل الساعة، ج ٤، ص ٢٢٢٥، ح- ٢٩٠١.


الصفحة التالية
Icon