لباس الجوع أذيقه أهل مكة، حتى أكلوا العظام، وصار الرجل منهم يتخيل له مثل الدخان من شدة الجوع. وهذا التفسير من ابن مسعود رضي الله عنه له حكم الرفع؛ لما تقرر في علم الحديث: من أن تفسير الصحابي المتعلق بسبب النزول له حكم الرفع "، وقد ثبت في صحيح مسلم أن الدخان من أشراط الساعة، ولا مانع من حمل الآية الكريمة على الدخانين: الدخان الذي مضى، والدخان المستقبل جمعاً بين الأدلة" (١).
٥ - مثال الغفلة:
قال تعالى: ﴿لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾ (٢).
اختلف المفسرون في من المخاطب في هذه الآية على أقوال: فقال ابن زيد: المراد به النبي - ﷺ -، أي لقد كنت يا محمد في غفلة من الرسالة في قريش في جاهليتهم.
وقال ابن عباس والضحاك: إن المراد به المشركون أي كانوا في غفلة من عواقب أمورهم.
وقال أكثر المفسرين: إن المراد به البر والفاجر (٣).
ورجّح ابن عاشور أن المراد به الكافر فقال: يقال هذا الكلام لكل نفس من
_________
(١) أضواء البيان / الشنقيطي، ص ٥٠٥.
(٢) سورة ق، الآية (٢٢).
(٣) انظر هذه الأقوال في النكت والعيون / الماوردي، ج ٥، ص ٣٤٩.


الصفحة التالية
Icon