" أحدها: أن الغفلة إنما تنسب أبداً إلى مقصر، ومحمد - ﷺ - لا تقصير له قبل بعثه ولا بعده
وثانيها: أن قوله بعد هذا: ﴿وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا﴾ (١) يقتضي أن الضمير إنما يعود على أقرب مذكور، وهو الذي يقال له ﴿فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾ (٢) وإن جعلناه عائداً على ذي النفس في الآية المتقدمة جاء هذا الاعتراض لمحمد - ﷺ - بين الكلامين غير متمكن فتأمله.
وثالثها: أن معنى توقيف الكافر وتوبيخه على حاله في الدنيا يسقط، وهو أحرى بالآية وأولى بالرصف، والوجه عندي ما قاله الحسن وسالم بن عبد الله إنها مخاطبة للإنسان ذي النفس المذكورة من مؤمن وكافر" (٣).
كما ضعّف هذا القول أبو حيان ولم ينقله وإنما قال: " وعن زيد بن أسلم قول في هذه الآية يحرم نقله، وهو في كتاب ابن عطية " (٤)، وكذلك رده الألوسي بقوله: " إنه زعم ساقط لا يوافق السباق ولا السياق" (٥).
_________
(١) سورة، ق، الآية (٢٣).
(٢) سورة، ق، الآية (٢٢).
(٣) انظر المحرر الوجيز / ابن عطية، ج ٥، ص ١٦٢.
(٤) البحر المحيط / أبو حيان، ج ٨، ص ١٢٥. قلت: لم يُرد زيد بن أسلم - رضي الله عنه - من قوله هذا الإساءة له - ﷺ -، وإنما مراده أنه كان في غفلة من نزول الوحي عليه وتحمل الرسالة، وهذا قوله: " الآية مخاطبة لمحمد - ﷺ -، والمعنى أنه خوطب بهذا في الدنيا، أي لقد كنت يامحمد في غفلة من معرفة هذا القصص والغيب حتى أرسلناك وأنعمنا عليك وعلمناك. (المحرر الوجيز / ابن عطية، ج ٥، ص ١٦٢)
(٥) روح المعاني / الألوسي، ج ١٣، ص ٣٣٤.