حجة أصحاب القول الأول القائلين بأن عسيتم بمعنى توليتم أمور الأمة:
من أدلتهم على ذلك قراءة (وُليتم) (١) أي من الولاية. قال الألوسي: " ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ﴾ خطَاب لأولئك الذين في قلوبهم مرض بطريق الالتفات لتأكيد التوبيخ وتشديد التقريع، وهل للاستفهام، والأصل فيه: أن يدخل الخبر للسؤال عن مضمونه والإنشاء الموضوع له عسى ما دل عليه بالخبر أي فهل يتوقع منكم وينتظر ﴿إِنْ تَوَلَّيْتُمْ﴾ أمور الناس وتأمرتم عليهم فهو من الولاية والمفعول به محذوف وروى ذلك عن محمد بن كعب وأبي العالية والكلبي ﴿أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ﴾ تناحراً على الولاية وتكالباً على جيفة الدنيا.... ويؤيده قراءة بعضهم (وُلِّيتُم) مبنياً للمفعول وكذا قراءته - ﷺ - على ما ذكر في «البحر» ورويت عن علي - رضي الله عنه - (٢).
حجة أصحاب القول الثاني الذين يرون أن التولي بمعنى الإعراض عن كتاب الله والإسلام:
حجتهم في ذلك: أن الإعراض عن الإسلام هو رأس كل شر، ومن قولهم: فهل عسيتم إن أعرضتم عن الإسلام أن ترجعوا إلى ما كنتم عليه في الجاهلية من الإفساد في الأرض بالتغاور والتناهب وقطع الأرحام بمقاتلة بعض الأقارب بعضاً
_________
(١) انظر المحتسب قي تبيين وجوه شواذ القراءات / ابن جني، ج ٢، ص ٣٢١، والبحر المحيط / أبو حيان، ج ٨، ص ٨٢. ذكرها كل منهم ولم ينسبها.
(٢) انظر الكشاف / الزمخشري، ج ٣، ص ٥٣٦، والبحر المحيط / أبو حيان، ج ٨، ص ٨٢، وروح المعاني / الألوسي، ج ١٣، ص ٢٢٤.