ووعيدهم وتكذيبهم يوماً فيوماً جعلهم كالحاضرين، فكانت الإِشارة مفهوماً منها أنها إليهم " (١).
حجة من قال: إن المراد بـ (هؤلاء) جميع الأحزاب:
جوز الزمخشري أن يكون المراد بـ (هؤلاء) جميع الأحزاب لاستحضارهم بالذكر في الآية، أو لأنهم كالحضور عند الله (٢).
ولكن الذي يظهر لي أن هذا القول لا يستقيم؛ لأن الأمم قد وقع عليه العذاب وانتهى أمرها، ويدل عليه قوله تعالى في الآية التي سبقت: ﴿إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ﴾ (٣) والآية بعدها هنا عبرت بالانتظار للعذاب ﴿وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ﴾ فترجح أن المراد بهؤلاء هم مشركو قريش، والله تعالى أعلم.
القول الراجح:
هو ما ذهب إليه ابن عاشور ومن سبقه من المفسرين، في أن المراد بـ (هؤلاء) المشركون من قريش كما هو الغالب في اصطلاح القرآن، وفي ذلك يقول: " تتبعتُ اصطلاح القرآن فوجدتُه إذا استعمل (هؤلاء) ولم يكن معه مشار إليه مذكور: أنه يريد به المشركين من أهل مكة " (٤).
_________
(١) التحرير والتنوير، ج ١١، ص ٢٢٣.
(٢) انظر الكشاف / الزمخشري، ج ٥، ص، ٢٤٧، واحتمل هذا القول أيضاً الشوكاني في فتح القدير، ج ٤، ص ٤٢٤.
(٣) سورة ص، الآية (١٤).
(٤) التحرير والتنوير، ج ١١، ص ٢٢٣.


الصفحة التالية
Icon