الفحش ولا التفاحش " (١).
فأراد النبي - ﷺ - بالفحش التعدي.
ومما يعضد هذه القاعدة وهذا الترجيح قاعدة (إذا احتمل اللفظ معان عدة ولم يمتنع إرادة الجميع حمل عليها) (٢)، وهي من القواعد الترجيحية التي اعتمدها ابن عاشور في تفسيره وبذلك يتبين لنا صحة ما ذهب إليه ابن عاشور من كون المراد بالفاحشة: كل معصية أي جميع ما ذكر من الأقوال، وذلك حسب مصطلح القرآن يدخل في ذلك الزنا وغيره مما فبح فعله، إلا ما خصصته الآيات، ودل عليه السياق في اقتصار المعنى على أمر معين.
٥ - مثال السفرة:
قال تعالى: ﴿كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (١١) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (١٢) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (١٤) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرَامٍ بَرَرَةٍ﴾ (٣).
اختلف بعض المفسرين في المراد بالسفرة في هذه الآية، فمنهم من ذهب إلى أن المراد بهم الكتبة، ومنهم من قال هم أصحاب النبي - ﷺ -، ومنهم من قال هم القراء، في حين ذهب معظم المفسرين إلى أن المراد بهم الملائكة (٤).
_________
(١) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب السلام، باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام، ج ٤، ص ١٧٠٧، ح- ٢١٦٥
(٢) انظر التحرير والتنوير، ج ٩، ص ٤٥.
(٣) سورة عبس، الآية (١١ - ١٦).
(٤) انظر هذه الأقوال في جامع البيان / الطبري، ج ٣٠، ص ٦٨، والمحرر الوجيز / ابن عطية، ج ٥، ص ٣٤٨، والنكت والعيون / الماوردي، ج ٦، ص ٢٠٤.


الصفحة التالية
Icon