فقال: " لقد كان أصحاب رسول الله - ﷺ - سفرة، كراما بررة، ولكن ليسوا بمرادين بهذه الآية، ولا قاربوا المرادين بها، بل هي لفظة مخصوصة بالملائكة عند الاطلاق، ولا يشاركهم فيها سواهم، ولا يدخل معهم في متناولها غيرهم" (١).
_________
(١) أحكام القرآن / ابن العربي، ج ٤، ص ٢٧٣.
ونظائر هذه الأمثلة كثيرة جداً في تفسيره منها:
١ -... ما جاء في قوله تعالى: ﴿يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ﴾ (سورة البقرة: ٢٦). وفيه قول ابن عاشور: " فالأظهر أن المراد من الفاسقين اليهود وقد أطلق عليهم هذا الوصف في مواضع من القرآن". (التحرير والتنوير، ج ١، ص ٣٦٧).
٢ -... ما جاء في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ﴾ (فاطر: ٢٩)....
اختلف المفسرون في المراد بالإنفاق في هذه الآية، فمنهم من ذهب إلى أن المراد به الزكاة المفروضة وصدقة التطوع، ومنهم من ذهب إلى أن المراد به صدقة التطوع فقط، وذكر ابن عاشور في تفسيره هذا الخلاف، واختار ابن عاشور أن المراد بالإنفاق في هذه الآية صدقة التطوع بناءً على الغالب في القرآن. وهذا قوله: " والمراد بالإِنفاق حيثما أطلق في القرآن هو الصدقات واجبها ومستحبها وما ورد الإِنفاق في السور المكية إلا والمراد به الصدقات المستحبة إذ لم تكن الزكاة قد فرضت أيامئذ؛ على أنه قد تكون الصدقة مفروضة دون نُصب ولا تَحديد ثم حدِّدت بالنصب والمقادير " (التحرير والتنوير، ج ١١، ص ٣٠٦).
٣ - ماجاء في قوله تعالى: ﴿وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ﴾ (سورة الصافات: ١٥٨) رجح ابن عاشور أنهم المحضرون في العذاب وترجيحه هذا بناءً على الغالب في القرآن وكذلك القرينة، حيث قال: " والمحضرون =


الصفحة التالية
Icon